عقدت الجمعية الوطنية اليوم الأربعاء جلسة علنية برئاسة رئيسها النائب محمد ولد أبيليل خصصت للاستماع لردود وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية السيد سيدي أحمد ولد الرايس على السؤال الشفوي الموجه إليه من طرف النائب محمد غلام ولد الحاج الشيخ والمتعلق بتعاطي الدوائر العمومية مع المراجعين ومدى استعدادها لتقديم الخدمات للمواطنين وبمدى نجاعة سياسة محاربة الفساد على الوضع الاقتصادي للبلد.
نص السؤال:" معالي الوزير المحترم، طبقا للمادة 69 من الدستور والمادة 122 من النظام الداخلي للجمعية الوطنية، أتقدم إليكم بالسؤال الشفوي المشفوع بنقاش الوارد أدناه: تتخذ الحكومة - وفق ما تعلن - من محاربة الفساد إحدى أهم أولوياتها ومن تعزيز الحكم الرشيد هدفا رئيسيا من أهدافها الاقتصادية الكلية التي تسعى لتحقيقها.
بيد أن المواطن الذي يؤم الدوائر الحكومية لتأدية واجب أو طلب حق، يتعذر عليه إنجاز معاملته إلا بسمسار من أهل الرشوة أو وسيط من أهل الحظوة.
ولا مجير له - بعد الله - من الوقوع في شرك الأول ولا عاصم له إلا هو من التنازل للأخير في ظل استحالة الاستغناء عنهما.
فإلى ما تعزون ذلك، معالي الوزيرہ ألقصور في تصور وتصميم سياسات ترقية الحكم الرشيد أم لتقصير وغياب إرادة لتنفيذها أم لضعف في كفاءة القائمين عليها أم تراه لكل تلك الأسباب مجتمعةہ.
وفي انتظار حضوركم للاجابة على سؤالنا، تقبلوا معالي الوزير المحترم، تحياتنا الخالصة."
وشكر وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية في بداية رده النائب على إتاحة الفرصة لإطلاع السادة النواب ومن خلالهم الرأي العام على الجهود التي تم القيام بها خلال السنوات الأخيرة في مجال مكافحة الفساد وتحسين تدبير شؤون الدولة بشكل عام.
وأشار إلى أنه سيتناول هذا الموضوع من خلال محورين أساسيين يتعلق أولاهما بالناحية القانونية في حين يتعلق الثاني بالنتائج الاقتصادية الإيجابية الناتجة عن مكافحة الفساد، فعلى المستوى القانوني يضيف الوزير تم إقرار إستراتيجية مكافحة الفساد سنة 2010 حيث ترتب على ذلك مجموعة من الإجراءات تم اتخاذها من ضمنهاالإطار القانوني التوجيهي الذي سيعرض أمام البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة إضافة الى إصدار عدة مراسيم تتعلق بإنشاء لجنة للاشراف على هذه الإستراتيجية ومتابعتها.
ونبه الوزير إلى أن وجود هذا الإطار القانوني الذي يخول تحديد المفاهيم والآليات القانونية لمتابعة مظاهر الفساد و وجود بعض الترتيبات من الناحية العملية كإنشاء لجان متخصصة في الصفقات العمومية تتمتع بالاستقلالية التامة في مجال الرقابة على إبرام الصفقات العمومية كل هذه القضايا تشكل محاور أساسية للمساهمة في مكافحة الفساد.
وقال إن من الإصلاحات المقام بها أيضا تقديم وزارة المالية لتقارير دورية حول وضعية ومراحل تنفيذ الميزانية،مشيرا إلى أن التقرير الأول حول ميزانية 2015 قيد الإنجاز وسيتم تقديمه للبرلمان لإطلاعه على مراحل تنفيذ الميزانية.
وأوضح الوزير بأن آخر تقارير الشفافية الدولية أكدت أن المواصفات والمعايير التي من خلالها يحكم على مدى التزام دولة ما باحترام معايير الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية متوفرة في موريتانيا،مذكرا بأن بلادنا وبمبادرة من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز قامت بإدماج قطاع الصيد في إطار إجراءات الشفافية.
وأضاف أن كل هذه الإجراءات المتمثلة في وجود منظومة قانونية ونظام إداري قابل طبعا للتحسن مع وجود إجراءات إيجابية لتقوية الإدارة على تنفيذ السياسات العمومية ووجود مؤسسات رقابية التي من أولها البرلمان والمؤسسات الدستورية الأخرى كمحكمة الحسابات والمفتشية العامة للدولة والمفتشية العامة للمالية كل هذه الترسانة الهدف منها في نهاية المطاف هو حسن تدبير الشأن العام،مشيرا إلى أن نجاعة سياسة ما يقاس بمدى قدرتها على تلبية حاجيات المواطن وقدرتها من الناحية الأقتصادية على وجود انعكاسات إيجابية على الوطن.
وقدم وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية عرضا حول الانعكاسات الإيجابية التي حققتها موريتانيا خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة لسياسة مكافحة الفساد حيث تتوفر البلاد اليوم على اقتصاد صلب لا تتجاوز نسبة التضخم فيه 5ر3% وتبلغ الكتلة النقدية من العملات الصعبة في البنك المركزي في هذه اللحظة من هذا اليوم 897 مليون دولار إضافة لوجود 30 مليار أوقية في حسابات الخزينة في البنك المركزي مع نسبة نمو من المتوقع حسب الخبراء أن تتراوح هذه السنة ما بين 5ر4 %إلى %5،مشيرا إلى أن كل هذه المؤشرات تجعل الاقتصاد الموريتاني اليوم لديه القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية الناتجة عن انخفاض أسعار المواد التي نصدر أو ارتفاع أسعار تلك التي نستورد.
وكشف الوزير عن وجود طفرة كبيرة في الاستثمارات في مختلف المجالات داخل البلاد حيث تم استثمار 2000 مليار أوقية خلال السنوات القليلة الماضية مما انعكس على نسبة الفقر التي انتقلت من نسبة 42% سنة 2008 لتصل الى نسبة 31% هذه السنة.
وختم الوزير مداخلته بأن مكافحة الفساد وإرساء قواعد الحكم الرشيد مكنت من الحصول على نسبة نمو معتبرة وتقليص التضخم وتوفير أرصدة من العملة الصعبة معتبرة يمكن أن نواجه من خلالها الصدمات الخارجية.
وأشاد النواب خلال مداخلاتهم بسياسة مكافحة الفقر المتبعة وبتشديد الرقابة على الممتلكات العامة التي كانت تنهب خلال الأنظمة السالفة في وضح النهار وبأبشع الأساليب.
وطالبوا بتعزيز وتقوية الإدارات المسئولة عن الرقابة لتتمكن من متابعة مختلف الممتلكات العمومية في كل الدوائر العمومية مرة في كل سنة على الأقل.