كان عبد الملك بن مروان مؤسس الدولة الأموية الثانية يقول لساسته: كفوا الأذى، وابذلوا المعروف، وأعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سُئلتم، فإنه مَن ضَيَّق ضُيِّق عليه، ومَن أعطى أخلف الله عليه، إن هذا الأمر لا يصلح له إلا سيف بتار، ورجل مغوار مدرار، ويد ممدودة بالكرم والسخاء ، تحفظ الأبرار وتصون الأسرار وأفضل ما يعطى للأغلبية اليوم مرشح إجماع وطني ، جامع شمل، وملم بأحوال السعة والتيسير، يأوي الجمل الأنف من كل حدب وصوب ، ويستغفر للمذنبين، ويتشاور مع المتخاصمين، ويعفو عن المخطئين، ويحلم عن الجاهلين، ويتذكر لأهل بدر الأولين خصالهم ومفازتهم،ولا يسخر من أهل الصفة و المستضعفين، فهم المأمور بأن لا تعدو عينك عنهم، وأن لا يمسهم أذى لأن المعرة تصيب بلواها من لا يعرف لهؤلاء حقهم. إن قبول بعض أطراف المعارضة بوفاق وطني حول مرشح من صف الأغلبية، يمثل تحولا تاريخيا في نوع الاصطفاف وفي رؤية المشهد السياسي الوطني برمته، تجمل مسوغات هذا القبول أمكانية وضع أسس مشروعية انجاز السلم الأهلي، بعد61 سنة من نفي الأخر للآخر، وتنازع البقاء وهذا التحول البارز يعنى صراحة التخلى عن تشريع خطاب ورموز يدعون صراحة إلى الكراهية والعنف، والابتعاد عن إضفاء أية مشروعية على الإرهاب الفكري ، و على أجندة التطرف السياسي بكل ألوانه العرقي والشرائحي والحقوقي وبالخصوص تعديل محتوى الخطاب السياسي المتشنج سواء في وسائل الإعلام ، أو بيانات التشكيلات الحزبية والمنظمات الحقوقية ، أومن خلال منابر البرلمان و المهرجانات، ومده بقيم وميثاق ليكون له ضوابط أخلاقية، فالسياسة بدون أخلاق فاشلة في كسب ثقة الجمهور ومن أسس هذا السلام وقف التشهير بالمنافسين ، والاحتكام إلى آليات الانتخابات، وقبول طي الخلافات، فلا وقت ولا جهد الآن يضيعان في النزاعات والصراعات العبثية بين المدني الموجه والعسكري المتوهم. إن حاجة البلد إلى أبناءه، حاجة جامعة،وفريضة لازمة، والحلول الحقيقية لمشاكل الناس لا يمكن أن تكون بتكرار تجارب جلد الذات، وهل هناك فشل أعظم من مقاطعة الانتخابات، ورفض الحوارات وتصحيح أخطاء الأحزاب ، و استنساخ تنازع البقاء بين الحكومات المكيافيلية والتيارات المهلوسة ؟ الحقيقة التي لا جدال فيها أن الوحدة قائمة بين أبناء شعبنا، والخلافات الموهومة كلها يجب أن تزول، ومشروع أمة متراحمة مزدهرة يستحق أكثر من الأحلام ، وكما قال هارون الرشيد: من شاور كثر صوابه، والأمر لا يحتاج إلي بيان فقد قال الاسكندر المقدوني: أعطوني لسان خطيب واحد ، وخذوا مني ألف مقاتل، لا تبنى الأمم بالنباح ولكن القافلة تمر والكلاب تلهث فتموت أوتنبح فتبح حناجرها بلا طائل. يتساءل البعض لماذا يدعم الرئيس عزيز المرشح غزواني، وهذا السؤال لون من ألوان "البروبوكاندا " فالتجارب الديمقراطية تؤكد أن دعم الرئيس المنتخب للمرشح المنتخب أصل في العمل الديمقراطي ، انظروا من حولكم ، لماذا دعم أوباما والحزب الديمقراطي ترشح اكلينتون، ولماذا دعم الرئيس الفرنسي المنصرف بقوة الرئيس الحالي ماكرون وحركة الى الأمام المنشقة عن حزبه، كانت المصلحة العليا للنظام وللبلد، والنأي به عن الغلو والتطرف هي لب ذلك التلاحم في النخب الديمقراطية، مهما اختلفت مصالحها لكن السؤال الأكثر إلحاحا لم يكن ذلك أبدا، بل هو هل كان ولدبوبكر أوكان حاميدو بابا سيرفض أحدهم دعم عزيز والنظام القائم له ان تم ذلك، بالطبع لا وألف لا. شيء آخر تبرزه المرحلة الراهنة هو أن المال السياسي ورجال الأعمال المتمرسين في شراء الذمم قد حركوا أموالهم وألسنتهم ليس مع الغزونة والقوة الناعمة بل مع الفوترة وصف الصراخ الميسم الثالث أن عزيز ورفيق دربه غزواني لم يشهد صف أغلبيتهم هجرات كالتي شهدتها صفوف المعارضة بعد أن أطاح خطاب 1مارس يوم الجمعة المباركة بشعار : المرشح الموحد للمعارضة التي تبحث عن ممول أكثر مما تبحث عن رئيس له مصداقية للأسف إن الإعلان عن برنامج التمكين للشباب والترحيب بكل الأطياف لبناء موريتانيا التي تحترم ماضيها وتقدر حاضرها وتتوق الى بناء دولة مؤسسات لمستقبلها يوم الأحد2 يونيو2019 يؤكد أن "الغزونةّ" تيار جامع لم يعد بإمكان المشوشين النيل من نصره المحقق بإذن الله وبجدارة في الشوط الأول يوم22 يونيو2019 حين يتدفق الموريتانيون من أكناف بيوت المعارضة ومن قواعد الأغلبية للتصويت لشعار العدالة: موريتانيا لجميع أبناءها.
بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي.