تمر اليوم الذكرى 96؛على ميلاد مؤسس أذربيجان الحديثة؛ المستقلة؛السياسي المحنك والزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف.
وقد نصب الزعيم القومي حيدر علييف بكونه شخصية فريدة في تاريخ أذربيجان الحديث تمثالا مهيبا له في قلوب الشعب الأذربيجاني إذ قد وضع الأسس الفكرية السياسية لبناء دولة أذربيجان العصرية بجانب تحقيقه تاريخ الاستقلال الأبدي. وإن فعاليات الزعيم العام السياسية أكمل نموذج لخدمة اذربيجان قوية ومتماسكة.
ولد حيدر علي رضا أوغلو علييف في 10 مايو 1923 من عائلة عاملة في مدينة نخجيوان العريقة في أذربيجان، التي تعتبر بحق الحاضنة التي انجبت لأذربيجان الأدباء والمفكرين والمعماريين الذين أثروا التاريخ الأذربيجاني بالعلم والمعرفة ومعطيات الحضارة،.
تخرج الفتى حيدر من دار المعلمين الابتدائية وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره، وعندما بلغ السادسة عشرة قدم إلى باكو والتحق بمعهد الصناعة الأذربيجاني ليصبح معماريا.
لكن الحرب العالمية الثانية أبعدته عن المعهد لفترة زمنية من 1941 - 1964 حيث مثلت هذه الفترة مرحلة صعبة من حياته. تخرج حيدر علييف من كلية التاريخ بجامعة أذربيجان الحكومية إلى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز أمن الدولة الأذربيجانية. تم تعيينه في عام 1964 بمنصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة ومنذ عام 1967 شغل منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية أذربيجان. وقد منح رتبة لواء، وقد شكل ذلك حدثا تاريخيا لكافة أبناء الشعب الأذربيجاني فلم يسبق ان تم تعيين شخصية أذربيجانية في مثل هذا المنصب إبان حكم الاتحاد السوفياتي السابق.
في يوليو 1969 جرى انتخاب حيدر علييف سكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني ومنذ تلك اللحظة أصبح قائدا لجمهورية أذربيجان بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة في ظل الحكم السوفياتي السابق وقد استمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982.
لايفوت على المتتبع للتاريخ الاذربي أن أساس تنمية أذربيجان في القرن العشرين وضع في 14 يوليو عام 1969 ذلك التاريخ الذي تولت فيه هذه الشخصية العبقرية؛ حيدر علييف السلطة السياسية ليتوصل الى تحولات عظيمة في حياة الشعب العظيم بالمعنى الحقيقي للتعبير مع تنفيذه كل ما هو ضروري من اجل بناء دولة وطنية مستقلة.
كانت أذربيجان تعرف وحتى العام 1969 كجمهورية زراعية في الاتحاد السوفيتي؛ الا أنها تحولت الى بلد متطور صناعيا بعد ذلك التاريخ، حيث بدأت تشتهر بتطبيق التقنيات العلمية الفنية على نطاق واسع ، مع المحافظة على ثقافتها العالية المعروفة فى جميع أنحاء العالم.
تحتفظ الذاكرة الجمعية للأذربيين للزعيم العام حيدر علييف بالكثير من الامتتنان ، ففى 14 يوليو عام 1969، اذ أصبح بإمكان الاذربجيين أن يعتبروا هذا التاريخ هو البداية الفعلية لإستقلال بلادهم وسيره فى طريق النماء اباهر.
واهتم الزعيم الوطني خلال الحقبة الأولى من رئاسة الدولة بإحداث نهضة شاملة ،وذلك نابع من الإدراك الذاتي الوطني لدى سيادته والعودة الى الجذور الأصلية للبلد في نفس الوقت.
كان تستند جميع فعاليات الزعيم حيدر الى فكرة النهضة الوطنية للشعب وانعاش مشاعر الاعتزاز القومي لدى الشعب. وقاوم صاحب الشخصية العظيمة في تلك الحقبة جميع العوائق الفكرية السياسية ليتقدم بمفهوم التنمية الوطنية للشعب الأذربيجاني وأزال الخوف في الوعي الاجتماعي وشجع المجتمع الى النمو المعنوي والاقتصادي المستقبلي في جميع المجالات. وغرس في كل مواطن في أذربيجان ثقة في ان يلتقي هذا الشعب بحريته ذات يوم. ومن اجل الحصول على الاستقلال يجب وجود قاعدة متينة وتنمية اقتصادية. وأنشأ الزعيم العام في وعي الشعب الأذربيجاني هذا التحول الثوري.
غرس الابن العظيم للعالم التركي حيدر علييف خدماته في كل نفوس أبناء شبه ؛ فلسفة البناء من اجل الوطن ولأجل أذربيجان، وأسس لفلسفة تقوم على فكرة الخدمة دون تعب لأجل البلد الأم وحول أذربيجان الى جمهورية متطورة صناعيا وزراعيا فترة 1969-1982 ليضع قاعدة لاستقلال اليوم.
لن ينسى الشعب الأذربيجاني انجازاته في مجال العمران وبناء المراكز الصناعية العملاقة الحديثة والتي لا مثيل في دول الاتحاد السوفياتي السابق، عدى عن افتتاح المراكز العلمية والثقافية وانشاء المدن والقرى والحواضر الجديدة. لقد أدرك حيدر علييف أن الاستثمار الحقيقي يكمن في فئات الشباب، فهم قادة المستقبل والثروة الحقيقية لأي أمة، ومن هنا كانت من أهم أولوياته تأمين التعليم للشباب، وتمثل ذلك في إنشاء المعاهد والجامعات المتقدمة في الاتحاد السوفياتي السابق وقد أصبحوا الان علماء وأساتذة يساهمون في نهضة بلادهم.
في ديسمبر من عام 1982 انتخب حيدر علييف عضوا للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي وعين في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الاتحاد السوفياتي السابق وقد شكل ذلك نقلة نوعية كبيرة في تدرجه السياسي وأصبح يشغل منصبا كبيرا ومهما في الحزب الذي لا يقل عدد أعضاءه عن 22 مليون شخص وبعد ذلك تم انتخابه عضوا للقيادة العليا للحزب من بين 21 عضوا. لقد شكل انتخاب أول أذربيجاني للمكتب السياسي حدثا هاما في تاريخ الشعب الأذربيجاني.
في 15 يونيو 1993 تم انتخاب حيدر علييف رئيسا لبرلمان أذربيجان وفي 24 من نفس الشهر وبقرار من البرلمان بدأ الرئيس حيدر علييف بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية ، وفي أكتوبر تشرين الأول من نفس العام تم انتخابه رئيسا للجمهورية من خلال الاستفتاء الشعبي العام.
ووجه حيدر علييف عوائد البترول الأذربيجاني لإنعاش الحالة الاقتصادية في البلاد وحل كثير من مشكلات البطالة والخدمات الصحية التعليمية وغيرها ومن ثم بدأت أذربيجان تدخل في عصر النهضة الحديثة حيث تحولت الى دولة قيادية في المنطقة في كافة المجالات.
وقام حيدر علييف خلال فترة رئاسته لأذربيجان بإنجازات عديدة مثل “عقد القرن” مع الشركات البترولية العالمية حول استخراج البترول وإنشاء “خط أنابيب البترول باكو-تبليسي-جيهان” لنقل البترول الأذربيجاني الى البحر الأسود وغيرها من المشاريع العملاقة وذات أهمية إقليمية ودولية وقد استخدم الزعيم القومي حيدر علييف صلاته الشخصية مع قادة الدول الكبرى وثقله في المحافل الدولية لتحقيق هذه الإنجازات.
تم إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية الثانية التي جرت في 11 أكتوبر عام 1998 لفترة رئاسية جديدة. لقد عمل الرئيس حيدر علييف طوال فترة حياته على تعزيز سيادة واستقلال و وحدة أراضي جمهورية أذربيجان وقد كان عهده يمثل بحق فترة التغيرات والتحولات الجذرية على طريق بناء الدولة الحديثة وما تم فيها من احداث جذرية على السياسة الداخلية والخارجية ضمن أسس واضحة ومحددة ، وبذلك دخلت أذربيجان بقيادة حيدر علييف مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر وأصبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي ولفتت أنظار العالم إلى هذه الدولة الصاعدة في منطقة القوقاز.
والجدير ذكره، أنه استمرار في تعزيز أفكار حيدر علييف الخيرية لصالح الشعب الاذربيجاني وأصدقائه، تم تأسيس مؤسسة حيدر علييف في ذكرى الزعيم الوطني للشعب الاذربيجاني. وترأس المؤسسة نائبة رئيس جمهورية أذربيجان، سفيرة النوايا الحسنة لليونيسكو وايسيسكو السيدة مهريبان علييفا. وتقوم مؤسسة حيدر علييف بتنفيذ وانجاز العديد من المشاريع الممتدة على نطاق واسع بهدف الحفاظ على القيم الروحية الوطنية وتعزيز الثقافة والحضارة الاذربيجانية ودعم البرامج والأنشطة وضمان تطوير مختلف الميادين.
رحل الزعيم حيدر علييف في 12 ديسمبر 2003 ، بعد أن وضع أذربيجان على الطريق نحو تحقيق آمال الشعب في الحرية والرفاهية والازدهار ، فالإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية الثابتة ، والإدارة الفعالة والسياسة الخارجية النشطة ، قد جعلت من أذربيجان قائداً إقليميا وشريكا قويا موثوقا به في العلاقات الدولية، هكذا ينهض القادة بأوطانهم ، وتسجل أسماءهم في سجلات تاريخها المجيد ، ويتذكر الأجيال سيرة أبطالها وقادتها ليستلهموا الهمة والعزيمة علي مواصلة المسير نحو التقدم والرقي والازدهار .
على هامش القمة الإسلامية السابعة، المنعقدة في الدار البيضاء، في دجمبر 1994، كان العالم على موعد تاريخي جمع بين الزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف وصاحب الجلالة الملك الحسن الثاني.
شكًل هذا اللقاء فاتحة عهد جديد في العلاقات الأذربيجانية المغربية. وفي تلك المقابلة جرى تبادل الآراء حول سبل تطوير العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وأثمرت هذه المقابلة التاريخية علاقات ثنائية متميزة بين أذربيجان والمغرب والتي يواصلها بخطى حثيثة قائدا الدولتين فخامة الرئيس إلهام علييف وصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية أذربيجان والمملكة المغربية مكنت من تعزيز وتعميق علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين. إنه خلال السنوات الأخيرة توصل البلدان إلى تحقيق منجزات كبيرة في تقوية العلاقات الثنائية.
يندرج التعاون المتواصل بين البلدين الصديقين ضمن انخراط حكومتي البلدين في إعطاء هذه العلاقة الثنائية المغربية والأذربيجانية أبعاد التجسيد الميداني العائد على شعبي البلدين بمزيد من التقارب والتنمية المشتركة. إن انطلاق من أرضية التعارف الإنساني والثقافي لبناء علاقة تعاون متينة بين الدول كثيرا ما يلقى مآلات النجاح وأسباب التوفيق والسداد، لا سيما أن جمهورية أذربيجان والمملكة المغربية تساهمان عن كثب على المستوى العالمي في عملية الحوار البناء بين مختلف الأديان والثقافات.
وقد ارتبط تاريخ أذربيجان في العقود الثلاثة الأخيرة بشخصية حيدر علييف، فقد ارتبطت نهضة الشعب في مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية كافة باسمه.
تحت قيادة الرئيس إلهام علييف الذي يواصل بإبداع استراتيجية التنمية المحددة من قبل الزعيم الوطني حيدر علييف، وبرنامج الإصلاحات المتعددة، تخطت أذربيجان بشكل سريع مرحلة التنمية التي تتجاوزها العديد من البلدان المتقدمة على مدى عقود لتصبح أول بلد اختتم المرحلة الانتقالية على صعيد ما بعد السوفييت.
بقلم:سعادة سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة المغربية السيد أوكتاي قربانوف