جدد المنسق العام لكتلة الإنصاف الوطني مطالبه لهيئة الأمم المتحدة بتكريم رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد ولد عبد العزيز، وذلك تعبيرا عن امتنان الكتلة للمواقف الشجاعة والتاريخية للرئيس خصوصا في ما يتعلق بحفظ السلام والأمن الدوليين.. و ما بذله من جهد كبير في سبيل إرساء دولة القانون، وما عرفته البلاد في عهده الميمون من تقدم ونماء شمل كل مناحي الحياة.. وعززه حرصه الدائم على تكريس القيم الديمقراطية من عدل وحرية ومساواة.
ودعا منسق كتلة الإنصاف وزير الخارجية ومن خلاله الهيئات والبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج وجميع ممثلي الجمهورية الإسلامية الموريتانية في الهيئات والمنظمات الدولية ورئيس وأعضاء الجمعية الوطنية إلى تبني ودعم هذا الطلب.
وكان المنسق العام لكتلة الإنصاف السيد محمد ولد كربالي قد وجه رسالة بهذا الخصوص للأمين العام للأمم المتحدة عبر الممثلية الدائمة للهيئة بنواكشوط بتاريخ: 19/12/2016 جاء فيها:
أفضت نتائج الحوار الوطني الشامل الأخير الذي عرفته بلادنا إلى جملة من الحقائق والمعطيات التي يتطلب الوقوف عندها مستوى فائقا من الحياد في التشخيص والنزاهة الفكرية في استخلاص مجمل تلك النقاط، التي تشكل قاعدة انطلاق يمكن الركون إليها لتأسيس نهج سياسي وطني، قائم على التشاور والخلاف، بوصفه سنة كونية، يبتعد عن الاختلاف لكونه يشكل عائقا أمام أي إرادة جادة وصادقة، تستهدف الخروج بالبلاد من دائرة والارتجالية، ذات المرجعية الأحادية، وتستجيب لمتطلبات النظم الديمقراطية العصرية، بشكل يتناغم وينسجم مع القوانين والنظم الدولية، بما يعنيه ذلك من سلم وأمان هو جوهر وهدف العمل الأممي، ومسعى المنتظم الدولي.
ولعل تتويج هذا الحوار بالموقف التاريخي الذي عبر عنه الرئيس محمد ولد عبد العزيز باحترامه للدستور وعدم نيته الترشح لمأمورية ثالثة، مثل نموذجا، سياسيا محليا وإقليميا، وبدد النظرة القائلة باستحالة التناوب السلمي والديمقراطي في قارتنا السمراء بما شكله من مساهمة نوعية في تسهيل مهمة هيئة الأمم المتحدة في تجسيد العدالة والسلم القائم على احترام كافة الحقوق بما فيها تلك السياسية، والتي ظل عدم احترامها مصدر النزاعات والتوتر، ورافدا يغذي الحروب في العديد من بقاع العالم.
ولقد اثبت رئيس الجمهورية منذ توليه مقاليد السلطة في البلاد حرصه على تجسيد تلك القيم الإنسانية النبيلة، فجاءت إرادته داعمة ومؤازرة للجهود التي تبذلها المنظمات الحقوقية الدولية بدعوته للمصالحة الوطنية، التي توجت بنداء كيهيدي وحل مشكل الإرث الإنساني في جو من التوافق والتسامح كان له كبير الأثر في تضميد الجراح وتجاوز خطر التفرقة.
ولأجل طي صفحة الأحداث المؤلمة التي مرت بها بلادنا 1989 وما تلاها لاحقا، جاء قرار الرئيس باستحداث مشروع الوثائق المؤمنة لتمكين كافة المواطنين الموريتانيين من الحصول على وثائق "بيومترية" غير قابلة للتزوير تمكنهم من الوصول على حقوقهم بشكل سلس، وتعطي للدولة فرصة وضع خطط تنموية قائمة على أساس معطيات إحصائية دقيقة..
ويشكل المشروع كذلك مساهمة نوعية في توفير الأمن على المعابر الحدودية وضبط حركة المهاجرين، وما يترتب على ذلك من مساهمة في الحد من الهجرة السرية والعمل الإرهابي والتهريب.. مثلما شكلت رؤيته الاستشرافية للمخاطر الأمنية التي بدأت تتهدد العالم من حولنا،وتنذر بزوال دول، منها ما هو في جوارنا إقليميا، ومنها ما هو منفصل عنا قاريا تحت تأثير الانهيار الاقتصادي – تغذيه وتذكي جذوته منظمات إرهابية، بدأت رقعة نشاطها تتسع في جميع أنحاء العالم-مكنته تلك النظرة الفاحصة، إذا، من جعل قضية الأمن الوطني والإقليمي – بوصفهما مكونة من مكونات الأمن الدولي- أولوية فبادر بتحديث منظومتنا الأمنية على أسس حديثة تستجيب لمتطلبات المرحلة؛ إضافة إلى بناء جيش قوي ومتماسك قادر على التدخل لفرض السكينة والأمن على امتداد التراب الوطني، والإسهام في المساعي الأممية لإحلال السلام في شبه المنطقة بحرفية وتميز شرفت موريتانيا وكانت محل إشادة من طرف هيئات الأمن والسلم الدولي.
ولقد كانت المقاربة الأمنية الموريتانية شاملة وموضوعية بحيث أسست لنهج حواري يستهدف تصحيح المفاهيم العقدية ويكرس الوسطية والاعتدال الديني الذي يحول دون التطرف والغلو المؤدي للإرهاب، ويدخل في هذا السياق اكتتاب الأئمة ودعم وتشجيع المحاظر للمساهمة الفعالة في نشر الوسطية؛ وكذا العناية بالمناهج التربوية وتحديثها حتى تتلاءم ومتطلبات النمو المتسارعة وتلبي الاحتياجات المحلية من الكفاءات المعرفية والفنية المطلوبة، وتكيفها مع مقتضيات التحولات الكبرى التي تعرفها المنظومة الدولية، وما يقتضيه ذلك من تشجيع التقارب والتواصل الثقافي والحضاري.. وتم بالتوازي مع كل ذلك تحرير كافة الفضاءات السمعية البصرية وتشجيع حرية لإعلام المكتوب والاليكتروني لتتجاوب مع متطلبات الشعوب في الحرية والديمقراطية، تمشيا وانسجاما مع قوانين ومواثيق الأمم المتحدة الداعية والداعمة لتحرير الإنسان.
كما شكل اهتمام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالطبقات الأكثر هشاشة محورا ثابتا في الخطط الإستراتجية للدولة الموريتانية؛ بدأت بسن ترسانة قوانين تجرم العبودية وتحرم ممارستها، كل ذلك بإعطاء الأولوية والأفضلية لتلك الطبقات للاستفادة من الولوج للخدمات العامة على أساس من التمييز الإيجابي يختزل المراحل ويساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية.. ولا يختلف اثنان على مستوى التطور والنماء الذي عرفته بلادنا في السنوات الأخيرة؛ ولعل هنالك إجماع تام على شمولية تلك الانجازات وتعدد مجالاتها، حيث لم تقتصر على ما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي فحسب، بل تجاوزت كل ذلك لتصل حد الاهتمام بالموارد البشرية فجعلت منها محور ومنطلق عملية البناء، بناء الإنسان تربويا وعقديا وتحصينه ضد المنزلقات المؤدية للتطرف والسلبية اتجاه كل ما هو وطني ودولي حتى..
إن حرص سيادة الرئيس على إرساء دعائم حكامة رشيدة، وتكيف ذلك مع مقتضيات الشفافية العالمية مكن بلادنا من انتهاج سياسة تسييرية كان لها الفضل في استقرار عملتنا الوطنية التي تعتبر رمز سياديا، كما ساهم في توفير احتياطي كبير من العملات الصعبة عزز من قدرتنا على تنفيذ العديد من المشاريع التنموية المهمة وساهم في ارتفاع مؤشر النمو واستقرار الاقتصاد وتجنبيه التأثر السلبي بالهزة الاقتصادية العالمية التي تضررت منها بعض الدول بما فيها تلك القوية، مثلما أسهم ذلك في تحرير القرارات السيادية من التبعية التي تعتبر نتيجة حتمية للجوء للموارد المالية الأجنبية، وخلق مصداقية كبيرة لبلادنا لدى الدول المانحة وشركائنا في التنمية.
وعلى الصعيد الخارجي فقد ظل الرئيس محمد ولد عبد العزيز حريصا على أن تظل موريتانيا تشكل استثناء في علاقاتها بمحيطها القاري ( عربيا وإفريقيا) وتحافظ على السياسة النأي عن كل تلك الصراعات الإقليمية وتتوسط المسافة بين مختلف البلدان.
ويعتبر فوزها برئاسة الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي والقمة العربية الإفرقية المشتركة خير دليل على مكانتها الرائدة وحرصها الدائم على لعب الأدوار الريادية وسعيها لتوفير كافة المقترحات وابتكار الحلول للقضايا الشائكة التي تعاني منها شعوب القارة وعلاجها بنجاعة وبطرق ودية تصون شرف الجميع وتضمن حقوق الكل.
وتأسيسا على ما سبق فإن اهتمامات الرئيس محمد ولد عبد العزيز ظلت إنسانية وأممية خادمة لسلم وأمن ورفاه الشعوب بامتياز، كما ظل حريصا على تجسيد القسيم الديمقراطية العليا إضافة إلا ما لعبه من أدوار مهمة في تحقيق الأمن والمصالحة الوطنية والإقليمية والدولية وما حققه من نجاحات باهرة في مكافحة الإرهاب والتطرف..
ولأن كل ذلك يدخل في صميم الأهداف النبيلة لهيئة الأمم المتحدة فإننا في كتلة الإنصاف الوطني نطالب هيئتكم الموقرة بتكريمه.
المنسق العام : محمد ولد كربالي