الانسان يتكون من جسم و روح و انطلاقا من هذا البناء و هذا التكوين ومراعاة له يتحقق التوازن بين الاثنين فنبني كائنا بشريا متوازنا و اذا اختل البناء اختل التوازن.
منطلق المذهب الدعوي للمفكر الاسلامي محمد علي الشرفاء هو العودة الى كتاب الله ولن نتمكن من تحقيق سعادة حقيقية في هذه الحياة و على هذه الارض إلا بالعودة للقرآن الذي هو مرجعية الامة و فهمه فهما ينطلق من التدبر والعقل.
لقد برع الغرب في التصنيع والتسويق و الخلق والابتكار و رسم الايديولوجيات وتسطير النظريات الجديدة حتى استشرت ظاهرة شرى و باع فتسلطت السوق و هيمنت العولمة. لكنه غاب عن عيون الغرب أن يملا فراغ الجانب الروحاني في الإنسان فغصت البشرية و غص الانسان بالحياة من حوله تجري حتى لتكاد تقطع أنفاسها و أنفاسه، حياة افتقد فيها الانسان السعادة الروحية التي جاء بها القرآن.
و أما في الشرق مهبط الديانات و الروحانيات فقد اعتبر علي الشرفاء ان العالم الاسلامي العربي انغمس في الروايات المضللة و اللاهوتيات و الاسرائيليات و هجر اللب اللباب للدين و هو القران و بانقلابهم على القرآن كنص قطعي للرسالة الخالدة ساد الجهل و عم الظلم وانتشرت الفتنة و اختلف الناس و تمذهبوا و تفرقت الأمة أيدي سبا يكفر بعضهم بعضا مع أن رسالة الاسلام واضحة في قوله تعالى :و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )الأنبياء107( هدف رسالة الاسلام واحد و مسعاها واحد وهو السعي بالإنسان حسب الشرفاء الى الهدف الامثل والسعادة المثلى بعبادة و عمل الخير ونشر القيم والمثل تمثلا لقوله تعالى : وما خلقت الجن و الانس إلا ليعبدون )الذاريات 56(
بذا تتحقق السعادة الغامرة في الحياة الدنيا فينعم الانسان بما منحه الله من نعم و تحقق السعادة الأخروية بالترفع عن الرذائل وصقل النفس من الأمراض و الأدران و التوجه الى الله.
و قد حارت البشرية اليوم وحادت عن طريق الصواب بين غرب يجري وراء الماديات و شرق يلهث وراء الروايات المضللة حتى هيمنت السوق على كل مقومات الحياة وصارت قيمة الشيء تقاس فقط بثمنه في السوق.
و لم تتمكن كل النظريات من تجاوز جشع السوق و سطحية المثقفين و انطوائيتهم اليوم امام المشهد وتسلط البنوك و تحكمهم في البرامج الحياتية للمجتمعات لم تجد عفوية المتفائلين منا ولا سلبية المتشائمين بدا امام انكسار شوكة الضعفاء والفقراء و الشعوب المهمشة التي تكتسح المعمورة اليوم وتجوب أقطار العالم بحثا عن لقمة العيش و المحكوم عليها بالتبعية والأخطر من هذا اننا لم نتمكن من تجاوز أنانية مفرطة و تطرف حاد ينتشر شرقا و غربا أدى الى حروب و تطاحنات تهدد مصير البشرية.
و لن يصلح اخر هذه الامة إلا بما صلح به أولها وهو العودة الى القران ونبذ الروايات ليسعي الانسان جادا فيما خلق له وخلق من أجله وهو عبادة الخالق وعمل الخير.
فالبون الشاسع بين دين منظم محكم ترفه به البشرية عامة في رحمة و عدل وحرية و سلام و هي مفاتيح رسالة الاسلام الخالدة و بين الوضع الحالي للمسلمين حتى قال المفكر المسلم روجى غارودي : الاسلام ليس المسلمين وقال مفتي الديار المصرية محمد عبدو انه في الغرب وجد اسلاما ولم يجد مسلمين وانه في الشرق وجد مسلمين و لم يجد اسلاما و طلق المفكر علي الشرفاء كلمته المشهورة : أن المسلمين هجروا القران و انقلبوا عليه وأن هذا مكمن ضعفهم و تشتتهم وما الت اليه حالهم اليوم فان أرادوا أن يتسمتوا الذرى و يعودوا الى الريادة فلا طريق أمامهم سوى استبدال الخطاب الديني المملوء بالإسرائيليات بالخطاب الالهي الذي مرجعه الاول و الاخير القران وهجر الروايات التي فرقت الامة الاسلامية وأدخلتها في صراع مرير وقتال مستمر. فلنعد لكتاب الله.
الدكتور محمد الرباني