الأزمات تتوالد في البَيت الأبيض، وعَرشْ الرئيس دونالد ترامب يترنح والأسباب عديدة، أبرزها عائليّة تتمثّل في تصرّفات ابنته إيفانكا وزَوجها جاريد كوشنر الذي صَدر قرار عن جون كيلي، رئيس المُوظَّفين، قبل أيّامٍ مَعدودة بِسحب التّصريح المَمنوح له كمُستشار بالاطّلاع على المَعلومات السريّة والحسّاسة.
ابنة الرئيس وصِهره باتا يُشكِّلان عِبئًا ثَقيلاً على عاتِق الرئيس ترامب حتى أنّه قرّر طَردها من البيت الأبيض، حسب صحيفة “نيويورك تايمز″، ويَتشاور الآن مع كبير مُوظَّفيه في هذا الصَّدد قبل أن يُعلِن القرار رسميًّا.
من يَعرِفون كوشنر الصَّديق الحميم لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، يقولون أنّه ساذَج عديم الخِبرة، يتمتّع بقَدرٍ كبيرٍ من الغُرور والتهوّر، وتُطارده الفضائِح الماليّة والسياسيّة من الجِهات الأربع.
المُحقِّق الخاص روبرت مولر الذي يُحقِّق في مَسألة التورّط الروسي في الانتخابات الأمريكيّة الرئاسيّة الأخيرة، الْتقى كوشنر واسْتَجوبه حول اتّصالاته “المَشبوهة” بمَسؤولين روس مُقرَّبين من الرئيس فلاديمير بوتين، من بَينِهم السفير الروسي في واشنطن.
السيدة نانسي بيلوسي، نائِبة رئيس مجلس النواب الأمريكي، طالبت الرئيس ترامب بطَرد كوشنر على الفَور لأن وجوده يَتنافى مع العَقل والمَنطق، أمّا مُوظّفو البيت الأبيض ورئيسهم، فلم يَكونوا سعداء بوجودِه مُنذ اليَوْمْ الأوّل، ناهِيك عن تولِّيه مَنصب كبَير المُستشارين للرئيس.
أخطر الاتّهامات التي يُواجهها صِهر الرئيس تتعلَّق بِمُحاولات استغلاله لمَنصبه، والحُصول على قُروضٍ ماليّةٍ ضَخمة تَصِل إلى مِئات المَلايين من الدُّولارات لإنقاذ شركة أُسرته العقاريّة من الإفلاس، وتُواجِه تحقيقات قانونيّة مُكثَّفة بسبب تَجاوزاتٍ ماليِّة.
ومن المُفارقة أن كوشنر وصديقه نتنياهو يُواجِهان في الوَقت نفسه اتّهامات بالفَساد المالي، وكَشفت دولة قطر قبل أيّام بأن الأوّل، أي كوشنر، طَلب قُروضًا وصَفقاتٍ تجاريّة معها، وعندما رَفضت انقلبَ ضِدها، وانْحازَ للتَّحالف الرُّباعي الذي تتزعّمه السعوديّة الذي يَفْرِض مقاطعة عليها.
فضائِج كوشنر الماليّة والسياسيّة التي قد تُؤدِّي إلى طَرْدِه الوَشيك من البيت الأبيض ستُؤثِّر على إمساكِه بمَلف الشرق الأوسط و”صَفقة القرن” التي أشرف على إعدادها لتَسوية الصِّراع العَربيّ الإسرائيليّ، وتَصُب في مُعظَم بُنودِها لصالِح الإسرائيليين، وحِرمان الفِلسطينيين من دَولةٍ مُستقلّةٍ عاصِمتها القُدس المُحتلّة.
إمبراطوريّة ترامب السياسيّة والأُسريّة تتساقَط أحجار أساساتها الواحِدة تِلو الأُخرى، وباتَ الانْهيار الكُلّي وَشيكًا، لعلّها لعنة الفِلسطينيين الذي تأذّوا كثيرًا من ظُلمِها، وصَفقة قرنِها، وتَوظيف القُوّة الأمريكيّة الأعظم من قِبَل الصِّهر كوشنر لمُصادَرة حقّهم المَشروع في العَودة وإقامة دَوْلتهم المُستقلّة.
لا نَعتقد أن دُموعًا كثيرة ستَذرف حُزنًا على مُغادرة كوشنر البيت الأبيض، ولكنّنا لا نَستبعِد أن يكون بعض العَرب الذين راهنوا عليه وعمه من بين بواكِيه.. اللّهم لا شَماتة.
“رأي اليوم”