في يوم من الايام دار نقاش حاد بين زوجين، فغضب الزوج كثيراً من زوجته وأوقعَ عليها يمين الطلاق وقال لها بالحرف :
"لن ترجعي إلى عصمتي أبداً الا في يوم مشؤوم مغْبرٍّ ليس به نور".
خرجت الزوجة ذاهبة الي منزل اهلها وهي تبكي لأنها تعلم استحالة رجوعها إليه مرة أخرى مع أن لها منه أولادا بعضهم لا يزال صغيرا.
وبعد أن هدأ الزوج شعُر بالندم الشديد وأحس بخطورة ما فعل، فخرج يبحث عن فتوى من احد العلماء في قريته، فالتقى بشيخ من فقهاء القرية وقص عليه ما حدث معه.
احتار الشيخ في أمره وقال له : ومن أين سنأتي لك بهذا اليوم المشؤوم الذي ليس به نور ؟ سامحك الله، انا لا أجد لك مخرجا من هذه الورطة ايها الزوج، ولكن يمكنني أن أدلك على شيخ في المدينة الأخرى أعلم مني ,فقص عليه ما جرى لك وإن شاء الله سيجد لك حلاً .
عاد الزوج الى منزله واستعد للسفر في اليوم التالي، لكنه استيقظ متأخراً بسبب شدة حزنه وتفكيره طوال الليل في زوجته وأولاده ، ثم سافر قاصدا ذلك العالم الشيخ في المدينة وحكي له قصته، لكن رد الشيخ كان مثل شيخ القرية : من أين سنأتي لك بهذا اليوم المشؤوم الأغبر الذي ليس به نور؟.
خرج الزوج مهموماً لا يدري ماذا يفعل، حتى وصل الى سوق المدينة فجلس هناك شارداً لساعات طويلة أمام دكان لبيع الخردوات، وبعد ساعة جاءه صاحب الدكان وسأله عما به بعد أن لاحظ أنه يجلس هناك علي هذه الحال لأكثر من ساعة، فحكى الزوج قصته لصاحب الدكان وان سبب حزنه أنه لم يجد شيخا يفتيه بجواز إرجاع زوجته، فهمس له صاحب الدكان في ثقة :
هل ترى هذا الشخص الذي علي يمينك ؟ فقال الزوج : هل تقصد ذلك الشخص الذي يفترش الأرض و ثيابه رثة و شعره كثيف وغير مرتب كالمجنون، قال صاحب الدكان : نعم، اذهب وقص عليه قصتك واسأله وسوف يدلك على الحل .
تعجب الزوج كثيراً من كلام الرجل ولكن على أي حال ليس أمامه سبيل آخر، فاقترب من الرجل المجنون وجلس أمامه على الارض وقال له : اريد ان أقص عليك قصتي، قال المجنون : احكي يا غافل!!
استغرب الزوج من كلام المجنون ولكنه بدأ في حكاية ما حدث معه حتى النهاية، فقال له المجنون : هل صليت الفجر في المسجد!!
فقال الزوج : لا والله , لقد استيقظت بعد الفجر ! فقال المجنون : كيف حال أمك اليوم !!
فقال الزوج لم أرَها اليوم فقد خرجت مسرعا !
فقال المجنون : كم قرأت من القرآن اليوم، فرد الزوج غاضباً : لقد أخبرتك أنني خرجت وانا في عجلة من امري ولم أتمكن من قراءة أي شيء ولم أزر أحدا ، قال المجنون : اذهب و خذ زوجتك الى بيتك ,فهل هناك يوم مشؤوم وأغبر و ليس به نور كيومك هذا، فأنت لم تصل الفجر و لم تقرأ القرآن و لم ترَ أمك و تستأذنها، فقام الزوج يقبل رأس المجنون وهو يقول : لقد أنقذتني، اطلب ما شئت أيها الشيخ , فرد المجنون أنا لا أطلب إلا من ربي و إلهي يا غافل !!.
الجواهر