الحملة الانتخابية أسبوعان لا أكثر.. مر أولهما بينما بقي أسبوع واحد، يفصلنا عن يوم الحسم، يوم السبت العظيم..
الأسبوع الأول كان مميزا وحاسما ويحمل دروسا وعبرا مكثفة، سنحاول في هذه العجالة إلقاء بعض الضوء على بعض تلك الدروس:
الدرس الأول: التفاف الشعب حول قيادته:
طاف الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال هذا الأسبوع غالبية أجزاء التراب الوطني، وكان المشهد واضحا وواحدا، جموع الشعب ترد الجميل للقائد الذي ما مان ما خان.. ما انحرف عن السكة..
تلاحم يرسم لوحة مضيئة تشكل عنوان الحاضر.. ونص المستقبل.
الدرس الثاني: اقتناع الغالبية العظمى الساحقة من الشعب بالتعديلات الدستورية:
الجموع التي كانت على موعد مع الرئيس حيث حل موكبه لم تأت من فراغ، ولم تأت فضولا وحبا للتفرج.. توقيت غالبية المهرجانات يتزامن مع ارتفاع مذهل لدرجات الحرارة وانشغال للسكان في شؤون مواشيهم نتيجة تأخر الأمطار.. ولن يترك السكان مواشيهم ويأتون لمهرجان في جو حار إلا إذا كانوا مقتنعين بما يحمله ذلك المهرجان.
الدرس الثالث: صبيانية مقاطعي الاستفتاء وجنوحهم للفوضى:
تكفل موريتانياـ محمد ولد عبد العزيز حق التظاهر والتعبير عن الرأي للجميع، ولا يوجد في سجون ولا مخافر ولا مفوضيات البلد سجين رأي واحد.
ولم تتقدم المعارضة يوما بطلب لترخيص مظاهرة أو مسيرة ومنعت منها.. وأحيانا كثيرة كان الأمن يتغاضى عن أنشطة غير مرخصة.
غير أن المعارضة من أجل المعارضة المتوبتقة (يمكن أن تبدل القاف جيما مصرية)، داخل منتدى الفراغ، حاولت أن تشتت ذهن الأمن الذي يعمل بأقصى طاقته في هذه الفترة الحساسة، من أجل جر البلاد إلى فوضى تستغلها لتشويه الحملة الانتخابية.
طلبت المعارضة ترخيص ثلاث مسيرات متزامنة، رخصت السلطات إحدى المسيرات، وأخبرت المنظمين بعدم ترخيص الأخيرتين.
الأمر عاد.. من يتشدق بالديمقراطية.. عليه أن يلتحق بالمسيرة المرخصة، وفعلا سارت المسيرة المرخصة محمية بالأمن الموريتاني الجمهوري حتى وصلت غايتها، غير أن ما حدث هو أن غالبية قيادات معارضة الفراغ فضلت الحضور المسرحي في المسيرتين غير المرخصتين.
وتدخل الأمن ليفرض النظام بمهنية وأقصى قدر من الحرص على تجنب الاحتكاك، غير أن وجود الكاميرات، استخرج موهبة كانت غائبة عن متابعي معارضتنا، إضافة إلى الموهبة الأصيلة عندهم في التلفيق اتضح لنا أنهم يملكون موهبة رائعة أخرى هي التمثيل..
بمجرد أن تصوب، عفوا توجه الكاميرات نحوهم، يدخل ممثلو هوليوود المنتدى البائس، يدخلون في نوبات بكاء وإغماءات متواصلة، المستشفيات تكفلت بفضح الكذبة المسرحية لـ"أأبطال فيلم الدايات الثلاث ووقفة نتك وتوجنين"..
لو انشغل المتمسرحون الجدد في المسرح لحصدت موريتانيا أفضل الألقاب في ذلك الميدان.. مع احترامنا للمسرحيين الحقيقيين ودور المسرح في تثقيف وتوعية الأمم..
لكن ما غاب عن المسرحيين السياسيين هو أن موريتانيا ليست خشبة مسرح وأن شعبها شب عن الطوق..
الدرس الرابع والأخير:
وعى الجميع موالاة ومعارضة محاورة ومعارضة مسرحية أن التعديلات ستمر، وبأغلبية مريحة.. لسببين، أحداهما ذاتي والآخر موضوعي:
السبب الأول الذاتي: أنها صادرة عن حوار شامل للطيف السياسي الموريتاني.. وأن رئيس الجمهورية بنفسه يلقي بثقله وما يملك من كاريزمية ومصداقية وشعبية من أجل إنجاحها.
السبب الثاني الموضوعي: أنها تصب في مصلحة الشعب الموريتاني.. وما كان للشعب الموريتاني أن ينجرف في تيار المسرح بعيدا عن مصلحته الحقيقية.
الداه صهيب