من المعروف عند الناس أن المحافظة على المال أصعب بكثير من الحصول
عليه , ولا يعرف قيمة المال إلا من تعب من أجله وأكلَ من عرق جبينه.
يُحكي أنه كان هناك رجل أعمال غني جدا , جمع ثروته بعد جد واجتهاد , وعمل لسنوات طويلة ، وكان له زوجة وابنة شابه وابنٌ متوسط العمر ، وكان هذا التاجر في بداية حياته رجلا فقيرا وبسيط الحال ولكنه تمكن من تكوين ثروته الكبيرة من عرق جبينه، وقد خشي ان يضيّع ابنه ثروته بعد مماته ، وتصبح أسرته فقيرة مرة أخرى , ولأن الابن كان أيضا كثير اللعب واللهو، فقرر التاجر الذكي أن يعلم ابنه درساً حتى يضمن أن يحافظ على ثروته في المستقبل.
وفي صباح أحد الايام نادى ابنه وقال له : يا بني سوف تخرج معي الآن للعمل ، ولكن إن عدتَ مساءً ولم تنجز عملاً جيداً فأنت لن تحصل على وجبة العشاء هذه الليلة .
في المساء عاد التاجر إلى المنزل فنادى على ابنه وسأله : أخبرني ماذا فعلت اليوم يا بني ؟ فقام الابن وسلّم والده مبلغا من النقود ( وكانت هذه النقود قد أعطتها له والدته ) وقال له : تفضل يا أبي هذا ما جنيتُه اليوم من عملي ، فطلب منه أن يقوم برمي هذه النقود في البئر، فركض الولد على الفور دون تفكير ورمي كل النقود في البئر، ففهم الأب الذكي ان هذه النقود ليست من عرق جبين ولده وأنه حصل عليها من أمه أي بطريقة سهله .
في اليوم التالي طلب التاجر من زوجته أن تذهب إلى بيت أهلها وتمكث هناك بضعة أيام، وطلب من ابنه أن يخرج للعمل ويعود في المساء بنقود يجنيها من عمله، فقام الولد بأخذ مبلغ من المال من أخته، وعندما عاد والده في المساء كرر نفس السؤال من جديد، فأخرج الولد النقود التي أخذها من أخته وقال لأبيه : هذا ما جنيته اليوم من عملي يا والدي، فطلب منه الأب أن يرمي النقود من جديد في البئر، فركض الولد وألقي كلما بحوزته في البئر، ففهم الأب من جديد أن ابنه أخذ النقود من أخته، فقرر أن يُرسلها هي الأخرى إلي امها .
وفي صباح اليوم الثالث طلب الأب من ابنه أن يخرج للعمل ويعود مساءاً بالنقود، فخرج الابن من المنزل وبدأ يتجول في الأسواق لأنه لم يجد أحدا يأخذ منه المال واضطر إلى العمل ، ووجد محلا فيه بضاعة، فطلب من صاحب المحل أن يعمل معه في أي عمل ، واتفق الطرفان على ان يقوم الولد بتنظيم البضاعة داخل المحل وترتيبها بشكل جميل مقابل مبلغ من المال .
بدأ الولد بالعمل حتى انتهي من تنفيذ كل ما طلبه صاحب المحل وتقاضي أجره كاملاً، وفي المساء عاد إلى المنزل فسأله والده ماذا جنيت اليوم يا بني ؟