مؤتمر حزب الإنصاف: من الإجراء التنظيمي إلى التحول الاستراتيجي/ محمد ولد كربالي

أحد, 12/28/2025 - 18:19

لم يكن المؤتمر الأخير لحزب الإنصاف حدثًا تنظيميًا عابرًا ولا استحقاقًا روتينيًا ، بل شكّل محطة مفصلية في مسار الحزب، وعكس بوضوح توجّهًا سياسيًا جديدًا يقوم على رؤية استراتيجية مدروسة تهدف إلى إعادة بناء الحزب على أسس أكثر صلابة وفاعلية، بما ينسجم مع متطلبات المرحلة وتطلعات القوى الداعمة لصاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني .

 

لقد جاء هذا التوجّه استجابةً لحاجة ملحّة فرضتها تجربة السنوات الماضية، حيث تسبّب تراجع حضور الحزب ميدانيًا وضعف أدائه التنظيمي في اتساع الفجوة بين قيادته المركزية وقواعده الشعبية، كما أضعف دوره كإطار جامع للقوى السياسية الداعمة لفخامة رئيس الجمهورية، الأمر الذي انعكس سلبًا على فاعلية العمل السياسي .

 

وفي هذا السياق، كلّف معالي الوزير الدكتور سيدي أحمد ولد محمد بمهمة قيادة ورشة إصلاح حزبي شاملة، تتجاوز المعالجات الظرفية إلى بلورة رؤية متكاملة لدور الحزب، ووظيفته السياسية، والآليات الكفيلة بتمكينه من التفاعل الإيجابي مع تحديات الساحة الوطنية، واستعادة مكانته كحزب حاكم فعّال قادر عالى تجسيد المهمة المسندة اليه .

 

وقد ارتكز مشروع إعادة التنظيم والتنشيط على جملة من الأهداف الجوهرية، من أبرزها إشراك القواعد الحزبية بشكل ميداني فعّال، وتزويدها بخطاب سياسي موحّد، يستند إلى حصيلة واضحة من الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية، ورؤية استشرافية طموحة للمستقبل. كما سعى هذا المشروع إلى توحيد الصفوف الداخلية، وبناء حزب متماسك يكون مرجعية سياسية واجتماعية قريبة من هموم المواطن، قادرة على الاستماع إليه، والتفاعل مع مشاكله، والمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة لها.

 

وانطلاقًا من هذا التوجّه الإصلاحي، جاء اختيار معالي الوزير الأول السابق، سعادة المهندس محمد ولد بلال، لقيادة هذه المرحلة الجديدة، لما يتمتع به من تجربة تجمع بين العمل الإداري والخبرة السياسية، وهو ما يؤهله للإشراف على عملية التحول المنتظرة، وإعادة الاعتبار لدور الحزب كفاعل محوري في الحياة السياسية الوطنية.

 

ومن المنتظر أن ينعكس هذا التحول إيجابًا على أداء الحزب في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل الاستحقاقات السياسية القادمة، وفي مقدمتها الحوار الوطني المرتقب، حيث يُنتظر أن يضطلع حزب الإنصاف بدور أساسي في مختلف مراحله، بما يعزز مناخ التوافق، ويكرّس الاستقرار، ويخدم مسار الإصلاح الذي تنتهجه الدولة.

 

إن مؤتمر حزب الإنصاف، بما حمله من رسائل سياسية وتنظيمية، يؤذن بمرحلة جديدة قوامها الانتقال من حزب محدود التأثير إلى إطار سياسي منظم و حاضر بقوة ، قريب من قواعده، ومتفاعل مع محيطه، وقادر على مواكبة التحولات وصناعة الفعل السياسي بيما يتماشى مع دوره الطبيعي .

 

 

محمد ولد كربالي 

عضو المجلس الوطني لحزب الإنصاف .

إعلانات

 

إعلان