الإبراهيمية بين خداع المصطلحات و خطورة التوجهات

ثلاثاء, 12/16/2025 - 00:22

بالتأكيد الإبراهيمية مشروع ليس وليد اللحظة بل هو مطلب و دعوة يهود مشبوهة قديمة جديدة تتمثل في الدعوة إلي توحيد الأديان و دمجها و إلي الوحدة أو التقريب أو التوفيق بين اليهودية و النصرانية و الإسلام و إسقاط الفوارق الجوهرية فيما بينها و الإلتقاء عند القوائم المشتركة فيها و الإعتراف بصحتها جميعا تحت مظلة الإنتساب الي سيدنا ابراهيم عليه السلام 

 (حق أريد به باطل ) دون ان يتخلي المنتسبون لأي من هذه الأديان عن دينهم الخاص بهم .

كما يعتبر هذا المشروع بوتقة لصهر الأديان السماوية الثلاثة الإسلام اليهودية و المسيحية لينتج عنها ديانة جديدة يدعوا إليها بنو صهيون و يزعمون انه من خلالها سيعم السلام و الأخوة الإنسانية و المشترك الديني وذلك عبر جميع نقاط الإشتراك بين الثلاث ديانات و تنحية نقاط الخلاف فيها جانبا ، بغية خلق تقارب في المواقف و نبذ العدوات و الإضطهاد بين اليهود و النصاري و المسلمين بسبب الإختلاف في الدين.

مما سيخدم و يدعم سياسات الإحتلال الصهيوني علي حساب القضية الفلسطينية العادلة.

في حين ستكون نقاط الإلتقاء عند اليهودية حيث أن المسلمين سيعترفون بالديانات الثلاث بينما النصاري يعترفون بالمسيحية و اليهودية فقط أما اليهود فلا يعترفون إلا باليهودية.

و بالتالي سيتقاطع الجميع في الإعتراف باليهودية .

ظهر مصطلح الإبراهمية مؤخرا وتم تداوله علي نطاق واسع بالتزامن مع إعلان إتفاق تطبيع كل من الإمارات العربية المتحدة و البحرين مع الكيان الصهيوني برعاية آمريكية في منتصف سبتمبر 2020 م.

وكان الرئيس الآمريكي الحالي اترامب هو من أقترح أنذاك تسمية هذا لإتفاق الثلاثي بإسم ( اتفاق ابراهيم ) ضمن مساعيه لتهويد القدس و دعمه المعلن و اللا مشروط للدولة اليهودية .

و هو ما أتضح جليا من خلال مساندته المكشوفة محاصرة الكيان الصهيوني لقطاع غزة و تجاهله حجم جرائم الإبادة البشعة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني و ساكنة القطاع بالخصوص و ما أحدثته و سببته تلك الإعتداءات العسكرية الظالمة من دمار هائل و معاناة و أضرار جسيمة و نزوح غير مسبوق لآلاف العائلات والأسر من شيوخ و نساء و أطفال

 حدث هذا أمام أعين العالم في ظل صمت رهيب من المجتمع الدولي و مواقف خجولة من الدول العربية و الإسلامية . 

في حين تقف وراء الديانة الإبراهمية الجديدة مراكز بحثية ضخمة و غامضة انتشرت مؤخرا في ربوع العالم أطلقت علي نفسها إسم مراكز الدبلوماسية الروحية برعاية ودعم جهات دولية قوية مثل : الإتحاد الأوروبي صندوق النقد الدولي ،البنك الدولي و الولايات المتحدة الآمريكية

تنشط في مجالات متباينة بحجة نشر ثقافة السلام و المحبة و فض النزاعات و دعم التنمية المستديمة . ....الخ.( الوجه المعلن ) .

مما جعل بعض دول المحيط العربي تجاهر بتبني الإبراهيمية و تسخر الكثير من الأموال و تحشد الجهود البشرية و الإعلامية و تقيم الفعاليات و المشروعات المتنوعة للترويج للإبراهمية و تكريسها علي أرض الواقع لاسيما تلك التي تجمعها علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني كالإمارات العربية المتحدة التي ما فتئت تبذل في هذا الأمر جهودا جبارة، حيث قامت بتشييد مبني في شكل مجمع ضخم يضم مسجدا و كنيسة و معبدا تحت سقف و مكان واحد.

سمته البيت الإبراهيمي ،

فما بني علي باطل فهو باطل.

قد لا يتوقف الأمر عند مشروع البيت الإبراهيمي بل يمكن أن يتجاوزه لاحقا إلي فكرة طبع القرآن الكريم و التوراة والإنجيل في غلاف واحد يسمي ( الكتاب الإبراهيمي ) .

أو ربما يتطور إلي التفكير في إقامة صلاة مشتركة تجمع اليهود و النصاري و المسلمين في إقامة و تكبيرة ابراهيمية واحدة .

يطلقون عليها صلاة أبناء ابراهيم و هكذا دواليك .....

إن العبث بالأديان و الكيد للإسلام خاصة أمر قديم قدم الصراع الأزلي بين الحق و الباطل 

فمن الأكيد أن هذه الدعوة المشبوهة الي السلام عبر الديانة الإبراهيمية تدخل ضمن تداعيات هذا الصراع

و السعي الي تبني نهج التلبيس و الكتمان و الخلط بين الحق و الباطل في محاولة يائسة .

علي غرار ما ورد في سورة التوبة ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم و يأبي الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون ) صدق الله العظيم .

وكما نجد في الآية الكريمة من سورة البقرة مخاطبا اليهود أيضا ( و لاتلبسوا الحق بالباطل و تكتموا الحق و انتم تعلمون ) صدق الله العظيم .

فثمة آية أخري من نفس السورة تبين شدة عداء عموم اليهود للإسلام و خطورة الإرتقاء في أحضانهم ( و لن ترضي عنك اليهود و لا النصاري حتي تتبع ملتهم قل إن هدي الله هو الهدي و لئن أتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ) صدق اله العظيم

كما أن مصطلح الدين الإبراهيمي ليس له أصل في الشرع فماهو معروف مصطلحا هو دين الإسلام الذي هو دين ابراهيم و جميع الأنبياء والرسل عليهم جميعا صلاة الله وسلامه لقوله تعالي في سورة آل عمران ( ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من المشركين ) و قوله تعالي أيضا في نفس السورة ( إن الدين عند الله الإسلام ...) صدق الله العظيم .

إلا أن الآية الكريمة من سورة آل عمران قد بينت و أكدت بشكل قطعي أن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول عند الله و أنهت الجدل القائم حول الأديان الأخري ،

لقوله تعالي ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ..) صدق الله العظيم. 

فأين نحن يا معشر المسلمين من هذه الآيات القرآنية الكريمة .؟؟!

تأسيسا لما سبق يتضح جليا أن السلام الإبراهيمي هو محطة جديدة من محطات الصراع العربي الصهيوني و وجه من أوجه الصراع ضمن سياق عقائدي فكري تتجسد خطورته في تناوله للدين كميدان وساحة للصراع.

كما أن من يتبني فكرة الدعوة و يتكفل بالإنفاق عليها و تسويقها هي دولة عربية إسلامية لها حضور و نفوذ قوي داخل المنطقة مما يساعد في تمرير و تنفيذ خططها و رؤاها وفقا لإستراتيجيتها المرتبطة بالإندماج الصهيوني و تغلغله داخل الجسم العربي .

فالمنطقة في ضوء ما تقوم به إسرائيل من تجاهل للقانون الدولي و عدوان مستمر علي الأراضي الفلسطينية بدعم مباشر من قوي عظمي ،

 تؤكد بشكل واضح بأنها مقبلة علي مرحلة جديدة من مراحل مسخ الهوية الإسلامية و الوطنية لصالح التبعية الصهيونية و من خلال توسيع دائرة التطبيع و نشر و إشاعة الديانة الإبراهيمية.

فإعادة رسم المنطقة من جديد يستدعي تغيير عقيدتها وفق نموذج تهميش الأديان و مسخها .

الشئ الذي بدأت ملامحه تتجلي في الأفق سبيلا للقضاء علي ما تبقي من مقاومة ميدانية و رفض شعبي للوجود الصهيوني.

بينما يبقي وعي و إدراك الشعوب و إيمانها القوي الركيزة الأساسية الوحيدة في نجاح هذا المخطط أو فشله. 

 

حفظ الله الإسلام والمسلمين من كيد الكائدين و نصر أهل فلسطين

  اباي ولد اداعة .

           

 

.

إعلانات

 

إعلان