تأملات في لعبة كرة القدم بعد فشل المرابطون في التأهل للكان و البطولة العربية و المونديال

جمعة, 12/05/2025 - 19:54

بالتأكيد كرة القدم لم تعد مجرد لعبة تسلية أو ساحرة مستديرة يعشقها ملايين الناس حول العالم ،

بل أضحت ظاهرة متعددة الأبعاد إجتماعية و ثقافية و إقتصادية بإمتياز ،

تؤثر علي السياسة و تشكل الهوية الوطنية و تحفز المشاعر و تدر مليارات العمولات الصعبة ،

و تجمع الناس من مختلف الخلفيات في شغف مشترك ،

و تقدم دروسا في العمل الجماعي و الإنضباط يتجاوز محيط الملعب ،

لتصبح أسلوب حياة لكثيرين بدل من مجرد تسلية عابرة .

إنها بالفعل الرياضة الأكثر شعبية في العالم التي رفعت فقراء لا يجدون قوت يومهم إلي أثرياء يتلاعبون بالملايين و الثروات الهائلة .

إن إهتمام شعوب العالم بكرة القدم وخاصة في كبريات الدوريات و البطولات المحلية و القارية و الدولية و علي مستوي تصفيات و

 بطولة كأس العالم تحول الي لعبة و ممارسة طغت علي كل الأحداث.

لتشكل فرصة لتلاقي الشعوب و تعارفها و تبادل الثقافات و تفاعلها مما يعطي للعبة بعدا آخر هو البعد الإنساني بالإضافة الي ما عليه وحدة شعوب العالم .

 ،حيث تنزوي السياسة وتجف جانبا و تبقي البساطة والروح الرياضية الشئ السائد تتقاطع فيه كل الفئات العمرية داخل المدرجات و خارجها .

إذ أن المنتخبات و الأندية في الغالب تمثل الجماهير في دولها أكثر مما تمثل لأنظمتها و حكوماتها السياسية .

لاشك أن رياضة كرة القدم لم تعد مجرد لعبة للتسلية و قتل الوقت و وسيلة لبناء الجسم السليم كما كان في السابق .

بل اصبحت تلعب دورا فاعلا في التنمية البشرية و تطوير الذات وتنمية المهارات و القدرات بين افراد المجتمع كما انها إحدي المجالات المهمة للإستثمار البشري والتجاري والصناعي و الثقافي الحضاري بين الشعوب .

نتيجة لقدرتها الفائقة في خلق اسواق ليست بالأقل قيمة من أسواق المحروقات عالميا 

كالميركادو لتسويق و انتقال اللاعبين و صفقات بث و نقل الدوريات والبطولات و ما يصاحبها 

و يلازمها من شركات ترويج كما تساهم في خلق مواسم سياحة بإمتياز و امتصاص البطالة و انتعاش شامل لكل مناحي الإقتصاد كالمواصلات و النقل و الفندقة و شركات الأمن والتأمين 

......الخ ، مما يؤكد جليا الإستفادة الكبيرة و الملحوظة من مردودات هذه اللعبة ماديا فضلا عن ما توفره من لحظات متعة لجماهير اللعبة في انحاء المعمورة.

وعليه فإن كرة القدم استطاعت عبر سرعة انتشارها و استقطابها لشعوب العالم بمختلف انتماءاتهم و طوائفهم و اعمارهم أن تجعل منهم حالة تعكس مدي التلاحم الوطني و للإنتماء للوطن و الهوية الوطنية الجامعة بعيدا عن الإنتماءات الضيقة الأخري .

وهو ما يعني أن كرة القدم كرست روح المواطنة و الشعور بالإنتماء للوطن الشئ الذي عجزت عنه رياضات كثيرة أخري في هكذا ظروف و مناسبات .

بالمقابل تعد كرة القدم اللعبة الأولي تشجيعا و متابعة في موريتانيا ،

منذ قيام أول إتحادية موريتانية لكرة القدم 1961 م

أنضمت لاحقا إلي الفيفا 1964م 

و إلي الإتحاد الإفريقي لكرة القدم الكاف 1968 م .

حيث خرجت منتخباتنا الوطنية من رحم المعاناة ظلت لسنوات طويلة تجاوزت الخمس عقود ( 50 سنة ) تتأرجح بين محاولة الوصول و الصعود الي ادوار متقدمة من بطولة آميكال كابرال كإنجاز تاريخي و السقوط السريع في الدور الأول و هي بالمناسبة بطولة إقليمية كانت قائمة قبل أن تختفي تماما من الخريطة و من حسابات الكاف مما جعل بلادنا تصنف في ذيل تصنيفات الفيفا أنذاك و لمدة طويلة ،

لكنها شهدت لاحقا خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في مستوي الأداء و مشاركات قوية عززت من حضور منتخباتنا و أنديتنا الوطنية داخل البطولات الافريقية وعلي مستوي كأس إفريقيا للأمم تأهلت من خلاله ثلات مرات علي التوالي إلي نهائيات بطولة أمم إفريقيا( كان ) شكلت عبر هذه المشاركات ندا عنيدا لمنتخبات إفريقية وعربية قوية و عنيدة .

في حين تراجع هذا المستوي التاريخي و المشرف الذي ظهر به منتخبنا الوطني المرابطون خلال الثلاث بطولات إفريقية الأخيرة .

بعد تعثر مستمر و إخفاق متكرر دون تحقيق الفوز بالمباراة و اللقاءات .

حيث خسر التأهل في تصفيات أمم إفريقيا ( كان ) المرتقبة بالمملكة المغربية و بطولة العرب و كذلك التصفيات المؤهلة للمونديال 2026 .

نتيجة عدم إستخلاص العبر من التجارب الماضية ،

و هو ما أعتبر علامة مقلقة للجماهير و القائمين علي شأن اللعبة .

بينما يري بعض المحللين بأن هذا التراجع الملاحظ في الأداء ،

مرده غياب الإنسجام و التكتيك الجيد بين اللاعبين .

و هو ما يؤكد إفتقار الفريق الوطني إلي الخطة الهجومية الفعالة ،

بحيث كان ثمة نقص كبير في الفاعلية الهجومية و غياب التواصل بين اللاعبين

و هو ما أسفر عن عدم إستغلال الفرص المتاحة و سهولة إستقبال الأهداف من الخصم .

فكما يقال أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم .

فرغم التغييرات التي شهدها الجهاز الفني للمنتخب و الدعم الكبير الذي حظي به فريقنا الوطني من الدولة و الجهات الوصية و الإتحادية ،

لم يتحسن الأداء إطلاقا بل ظل في ترنح. 

و هو ما أثار تساؤلات جوهرية حول أسباب هذا الأداء الضعيف، 

من يتحمل مسؤولية هذا التراجع ؟

هل هم اللاعبون ؟

أم الإستراتيجية المتبعة ؟

أو المدرب ؟ 

أم الإتحادية القائمة علي شأن اللعبة ؟

ام هم معا ؟

الظروف تتطلب تفكيرا عميقا و فهما شاملا لكيفية إستعادة المستوي المطلوب و الضروري للعودة إلي المسار الصحيح .

فالمرحلة تتطلب تضافر جهود الجميع و العمل الجماعي لتدارك الموقف قبل فوات الأوان و الوصول إلي مستوي الركود .

ففي إطار البحث عن حلول مناسبة و سريعة ،

ينبغي إحداث إقلاع من الداخل نحو غد أفضل من خلال تمكين أكبر عدد من اللاعبين المتألقين محليا من المشاركة ضمن صفوف المنتخب الوطني بالتركيز و الإعتماد علي مدرب وطني محلي ،

 لعل وعسي أن يكون بالحسانية ( صبع فيه الخوصة )

فأهل مكة أدري بشعابها. 

الإعتماد علي المحترفين بالخارج في المنتخبات الوطنية له وجهان :

. إيجابي : ( رفع مستوي الأداء و إكتساب خبرات دولية عالية ) .

. سلبي : حيث قد يسبب إرتباكا في التشكيلة نتيجة قلة التجانس و تأخر وصول اللاعبين المحترفين الذين يأتون من بيئات مختلفة .

و غياب الإنسجام التكتيكي بسبب إختلاف أنظمة اللعب علي مستوي الأندية .

مما يتطلب توازنا دقيقا من المدرب للجمع و التوفيق بين المواهب الفردية و التنظيم الجماعي 

و ما قد يخلق ذلك من تداعيات سلبية قد تعيق العمل بروح الفريق الواحد .

 إلا أن غرس ثقافة الفريق اهم من الأسماء الفردية .

إذ لا يمكن تحقيق نهضة رياضية مستدامة إلا بالقيام بإنشاء أكاديميات رياضية متخصصة علي نطاق واسع تهتم بتطوير اللاعبين منذ سن مبكرة .

 و محاولة بناء منتخب وطني متجانس و فرض ضرورة الإهتمام بالكادر الوطني المحلي سواء كانوا مدربين أو لاعبين .

الكرة الموريتاتية اليوم تحتاج أكثر من أي وقت مضي إلي إستراتيجية شاملة تأخذ بعين الإعتبار تنمية المواهب و تعزيز البنية التحتية و خلق بيئة رياضية جاذبة .

بهدف إعداد جيل من اللاعبين القادرين علي تلبية متطلبات الفريق الأول و المنتخبات الوطنية في المستقبل و في قادم مناسبات و دوريات و بطولات كرة القدم .

تأسيسا لما سبق يظل الإستثمار الوطني في رياضة كرة القدم مطلبا ملحا و فرصة متاحة لكل المهتمين بغية الإنخراط في إستثمار واعد و النهوض بالقطاع الرياضي، 

و بالتالي الخروج بلعبة كرة القدم من رحم المعاناة. 

فإلي متي سنظل كلما قطعنا خطوتين إلي الأمام تراجعنا بعشر خطوات إلي الوراء ؟!

 

بالتوفيق و التألق و النجاح لمنتخبنا الوطني في قادم المناسبات و البطولات . 

   اباي ولد اداعة.

إعلانات

 

إعلان