مناهضة ومحارية العبودية ضرورة تمليها القيم ويفرضها التعايش الأهلي وتؤطرها القوانين والتشريعات/ اباي ولد اداعة

أربعاء, 12/03/2025 - 14:29

يصادف 2 من دجمبر من كل سنة اليوم الدولي لإلغاء الرق ،

تاريخ إعتماد الأمم المتحدة لإتفاقية تتعلق بمكافحة الإتجار بالأشخاص و إستغلال بغاء الغير ،

و التي صدرت 1949م .

كما أن هذا اليوم فرصة للتذكير بمخاطر هذه الظاهرة و دعوة لتضافر جهود الجميع من أجل إستئصال و إجتثاث ممارسة العبودية علي نحو ينصف الضحايا و يغير العقليات المتجذرة حولها .

لا شك أن المجتمع الموريتاني بمختلف مكوناته الشرائحية و بحكم بعده العربي والإفريقي يتقاطع تاريخيا و صيروريا في جملة من العادات و التقاليد و الظواهر و الممارسات الإجتماعية و الثقافية .

لا يمكن لأي كان نكرانها أو تجاهلها،

و إن كانت تتفاوت في أبعادها الإجتماعية و حجم أشكالها و أنماطها في بعض الحالات بإختلاف و تنوع الموروث الثقافي لدي مكونة إجتماعية بعينها دون غيرها .

فظاهرة العبودية علي سبيل المثال المقيتة و المدانة و المجرمة وطنيا و دوليا . 

والتي سادت و عمت مناطق و شعوب العالم دون إستثناء تم تجاوز مآسيها و مخلفاتها داخل بعض البلدان المتقدمة علي مراحل متفاوتة و بشكل تدريجي و نهائي من خلال تجريم الممارسة و إنصاف الضحايا و عبر مصالحات و تفاهمات وطنية أيضا .

ظهرت داخل مجتمعنا برمته كممارسة دنيئة و ظالمة في حق الإنسان أو بني آدم علي الأصح الذي كرمه و فضله الله تبارك وتعالي علي كثير من خلقه كما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء ( و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا ) صدق الله العظيم .

نجد بقايا رواسبها و مخلفاتها لدي كل مكونات المجتمع الموريتاني ،

إلا أنها لدي بعض مكونات الزنوج أخذت أنماطا و أشكالا و صورا و أساليب بشعة و خطيرة مقارنة بما كان يحصل لدي مجتمع البيظان وصلت لدرجة تجهيز مقابر خاصة للأسياد و عوائلهم و أخري للعبيد .

الشئ الذي ظل في حالة وضع صامت لا ينبغي التحدث أو الكلام بشأنه أو إثارة دعاة مناهضة العبودية له أو منظمات حقوق الإنسان التي تنشط بشكل مستمر في المجال الحقوقي و علي نحو واسع داخل الوطن ،

في محاولة لطمس الحقيقة و توجيه اللوم و العتاب بدرجة أقل لمكونة الزنوج دون مكونة البيظان .

و هو ما يؤكد عدم سلامة و شفافية و نزاهة و صدق عمل الجمعيات الحقوقية الناشطة في مجال حقوق الإنسان ،

فمن شأن هذا التمايز و التباين في الطرح أن يهيئ الأذهان و يمهد السبل لتسويق و ترويج الشائعات و الأكاذيب المضللة و الإفتراءات المفتعلة بقصد الإضرار بسمعة مجتمع البيظان . 

في الوقت الذي يتم فيه رفع الشبهات عن مكونات الزنوج ..

و إن كان ذلك لا يبرر إطلاقا ما موريس في السابق داخل أوساط البيظان من عبودية و ظلم و سطو و غبن و تهميش و تعذيب و إغتصاب..الخ

و بشكل فظيع و فاضح ضد شريحة لحراطين و ما يضاهيها من فئات ضعيفة طالها الغبن و التهميش و الظلم كآزناكة و غيرها .

مما كان له الأثر الكبير في تجهيل و تفقير و تجويع أبناء هذه الشرائح،

و خاصة في ظل غياب المساواة و إتساع نفوذ القبيلة قبل قيام الدولة المركزية و تقاعس و انبطاح نخبنا الوطنية و الرغبة الجامحة لديهم من أجل التربح علي كاهل المواطن البسيط جشعا و علي حساب القضايا الوطنية العادلة .

مما جعلنا اليوم نعيش هذا الواقع و الوضع الإنساني المر ،

و نتناقض مع أنفسنا في كل الأحوال و الأوقات و المناسبات

نتيجة إزدواحية المعايير في التعامل مع القضايا الإنسانية و الحقوقية، 

و التباين في الطرح و المقاربات و التعمد إلي الخلط بين العمل السياسي و الحقوقي .

في الوقت الذي نجد فيه بعض النواب و النشطاء في مجال حقوق الإنسان يصفون أنفسهم بالمعارضة قد تجاوزوا كل الخطوط الحمراء يتصرفون كأنهم فوق القانون ،

يثيرون النعرات و الفتن و يعملون علي التحريض و نشر الكراهية و تشويه سمعة الوطن من خلال تدويل قضية العبودية بشكل كاذب و مضلل و منافي للواقع و يصفون البلاد بنعوت كاذبة و مخالفة للحقيقة من قبيل دولة لابارتايد 

بقصد الإساءة و تحقير مجتمع البيظان و الإضرار بسمعة الوطن ،

يأتي ذلك في سياق عمل ممنهج يهدف إلي إحداث و خلق حالة من الفوضي الهدامة و الإنقسام الداخلي و الخروج علي دعائم الوحدة الوطنية .

يتصرفون وفق آجندات خارجية و علي نحو لا يخفون فيه أنهم رعاة لخلفية سياسية تعكس رغبة و ميول حركة افلام الإنفصالية العنصرية ، 

يتشدقون في كل مناسبة بأنهم حماة الشعب ،

و الأمر ليس كذلك .

بعد أن أنكشفت حقيقتهم ،

فالنية السيئة تحيق بصاحبها لقوله تعالي ( و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) صدق الله العظيم .

في حين يتقاضون رواتبهم بإنتظام مدفوعة من أموال الشعب دون وجه حق و هم في حالة غياب دائم غير مبرر .

إما لسفريات خاصة نحو أوروبا أو جولات خارج البلاد معظمها وقفات مضللة و مسيئة للتهجم علي الوطن من أمام البرلمان الأوروبي ،

صحيح معارضة النظام الحاكم حق يكفله الدستور ،

لكن معارضة الوطن و تشويه سمعته و الوقوف ضد أمنه و إستقراره بالتباكي علي طرد و ترحيل مهاجرين غير شرعيين من أرض الوطن نحو بلدانهم الأصلية وفق الإجراءات التي أقرتها إتفاقيات و معاهدات الأمم المتحدة بهذا الصدد . 

و هو ما يعد خيانة عظمي .

الوطن فوق كل إعتبار !!

بالمقابل ثمة حقوقيون وقادة فكر و رأي و رؤساء أحزاب وطنيون حتي النخاع ناضلوا بإستماتة منذ عقود طويلة في هذا المجال ،

و خدموا قضية العبودية بكل مسؤولية و وطنية و من مواقع متباينة و مختلفة .

كان لهم الفضل فيما تحقق بشأنها من مكاسب و حقوق و قوانين مؤطرة لها .

حيث قامت السلطات الموريتانية بإنشاء محاكم خاصة للنظر في جرائم العبودية و الإسترقاق من أجل القضاء علي آثار و مخلفات ممارساتها ،

وهي خطوة هامة غير مسبوقة للقضاء علي هذه الظاهرة المقيتة و رفع الظلم عن ضحاياها ،

بالتأكيد لسنا مسؤولين عن ممارسات العبودية في الماضي ،

بقدر ما نحن مسؤولون و مدعوون كل من موقعه للتخلص من رواسبها بشكل أو بآخر و محاربتها و عدم التستر علي مرتكبيها و الوقوف إلي جانب ضحاياها و رفع الظلم عنهم و تمكينهم من تبوئ مكانتهم المستحقة و اللائقة داخل المجتمع دون مزايدة .

ولا يتأتي ذلك إلا عن طريق التمييز الإيجابي الهادف و المنصف من الدولة ، و هو ماتم بالفعل عبر إستحداث و إنشاء مندوبية خاصة بهذا الشأن بتوجيه مباشر من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ،

من المفروض أن تذوب فيها حالات الغبن و التهميش و الظلم الإجتماعي....الخ

و هو ما تجلي في مئات العائلات والأسر الهشة ممن أستفادوا مجانا من التغطية الصحية و التقسيمات النقدية في كل الأوقات و المناسبات و الدعم المادي للتعاونيات و التشاركيات التي تنشط بشكل جماعي مدر للدخل ،

إضافة لولوج العائلات الضعيفة إلي السكن المجاني اللائق بمواصفات و معايير مدنية و حضرية وسط أحياء تتوفر علي كل مقومات الحياة ماء و كهرباء و منشآت صحة و تعليم و أسواق...الخ

و هي خطوة تذكر فتشكر في إتجاه تمكين أبناء هذه الفئات عديمي الدخل من الإستفادة من الخدمات الصحية و الإجتماعية ،

تحت مسمي مندوبية تآزر ،

دون ان نتجاهل ما للتكافل الإجتماعي و العلاقات الإجتماعية بين أطياف المجتمع من دور بارز في التخفيف من وطأة أعباء الحياة .

في الوقت الذي ظهرت فيه أنماط و أشكال جديدة و معاصرة من العبودية أكثر خطورة من سابقاتها أستهدفت طبقات العمال الكادحة و أمتصت جهودهم و قوتهم الفكرية و البدنية و أضرت عوائلهم و أرغمتهم علي العيش في البؤس نتيجة غطرسة و ظلم الإدارة و غياب العدالة الإجتماعية و جشع رجال المال و الأعمال و إكراهات الحياة حصل ذلك نهارا جهارا و بمسميات مختلفة عمال غير دائمين أو مؤقتين يتقاضون أقل الرواتب مقابل أعمال شاقة دون الحصول علي أبسط الحقوق في الترسيم أو التأمين الصحي أو الإستفادة من العلوات....الخ ،

قبل القرار الأخير التاريخي و الشجاع الذي تبناه فخامة رئيس الجمهورية ،

و الذي شمل ترسيم عمال الشركة الموريتانية للكهرباء غير دائمين و البالغ عددهم أكثر من 900 عامل من مختلف التخصصات 

إلي جانب تسوية وضعية 1865 متعاونا في مجال الإعلام في إنتظار أن يشمل القرار قطاعات حيوية أخري. 

بهدف تعزيز الإستقرار الوظيفي و تحقيق العدالة الإجتماعية و الدفع بمختلف فئات العمال للمساهمة بشكل فعال في بناء و تنمية البلد.

إن حالات الإساءة و تشويه صورة الوطن التي جاءت من وراء الحدود لا تخدم القضايا الوطنية العادلة و لا تبني وطنا ،

فالسياسة الرشيدة لا تؤسس أو تبني علي الصخب و لا علي الإرتهان علي آجندات الغير و خاصة ممن لا يحب الخير و الإستقرار للوطن من دعاة التفرقة و الفتنة و الإنفصال ،

بدل الوفاء للوطن و الشعب. 

فمن يتوهم أن رفع الصوت عبر المنابر البعيدة سيمنحه قوة

سيكتشف في النهاية

أنما يعزل نفسه عن محيطه الطبيعي و يخسر الداخل قبل الخارج .

ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضي هو سماع بعضنا البعض و إغتنام فرصة الحوار الوطني المرتقب الذي سبق و أن تعهد به فخامة رئيس الجمهورية و أعطي كل الضمانات بشانه حيث أكد خلال جولته الأخيرة بالحوض الشرقي بأنه سيكون حوارا شاملا و جامعا دون قيد أو شرط ،

ينبغي أن يؤسس لمرحلة جديدة من البناء و الإنسجام و الوئام و التعاطي الإيجابي ،

حوار مبني علي المصارحة و المكاشفة و معالجة كل الإختلالات و الإشكالات و مواجهة القضايا الوطنية العالقة بالحلول لا بالتجاهل و النكران ،

و تقديم التنازلات المؤلمة من أجل مصلحة الوطن و ذلك بتغليب منطق المواطنة الصالحة و المخلصة علي تراهات المصالح الضيقة .

و ردم الهوة التي أنشأت بين مختلف مكونات المجتمع .

كما نحتاج أيضا إلي تقريب التباعد و بث رسائل التقارب و التصدي بكل قوة و حزم لما نلاحظه من حين لآخر من داخل البرلمان وفي الشارع و عبر منصات التواصل الإجتماعي التي أضحت وسيلة للتخاصم في قضايا الوطن و ملاذ آمن للعنف اللفظي و نشر خطابات الكراهية و التحريض العنصري و إثارة النعرات العرقية ،

و إستهداف الوطن و تشويه سمعته دوليا و الإستثمار بشكل خاطئ في خطابات المظلومية و التمييز بين مكوناته

 بشكل لا يخدم أمن و إستقرار الوطن ،

و لا التعايش الأهلي السلمي .

و ضرورة تدارك الوضع قبل فوات الأوان .

و العمل سويا بغية فرض هيبة الدولة بالعدل و القانون علي نحو يعزز قيم الولاء و الإنتماء للوطن ويقوي اللحمة الوطنية و يكرس دولة المواطنة و المساواة و يحقق العدالة الإجتماعية و يجسد التقسيم العادل للثروات بشكل تعم فيه الرفاهية و تذوب فيه كل الفوارق الإجتماعية.

في الوقت الذي يجمع فيه كل المحللين و المراقبين للشأن الوطني علي ضرورة تهيئة الأرض المناسبة و الظروف الملائمة للتعايش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع. من أجل الأجيال القادمة .

تأسيسا لما سبق فإن ما يجمعنا هو ثوابت و قيم وطنية و دينية و أصول ثابتة تندرج ضمن روابط و قواسم كبيرة مشتركة وجامعة .

في حين يبقي ما يفرقنا هو حالات فرعية و خلافات آنية عابرة و قضايا تم تدويلها و تضخيمها و توظيفها بشكل سيئ و خاطئ أساء للوطن و خدم آجندات خارجية تتربص بوحدة و إستقرار البلد و النيل من ثوابته الوطنية . 

لكن هيهات!!!

 

حفظ الله موريتانيا

  اباي ولد اداعة 

إعلانات

 

إعلان