مشروع غزواني لبناء دولة القانون والمؤسسات… يمهّد الطريق لحوار وطني ناجح/ محمد ولد كربالي

خميس, 11/13/2025 - 23:36

تشكل الإصلاحات التي يقوم بها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني المدخل الصحيح بل المسار الوحيد لمعالجة الاختلالات البنيوية التي عانى منها البلد طوال العقود الماضية.

 

ومن بين أبرز هذه الاختلالات مستوى الوعي في الأوساط الشعبية وما ينبغي القيام به من أجل الارتقاء به إلى مستوى يمكّنه من التفاعل مع ثوابت الدولة الحديثة ومقتضياتها إضافة إلى معالجة مخلفات الأنظمة المتعاقبة على التسيير والتي أثبتت مرة تلوة اخرى عجزها عن مقاومة القوى التقليدية التي تستمد شرعيتها من البنية المجتمعية القديمة المناقضة بطبيعتها لقواعد دولة القانون. كما أن هذه الأنظمة المتتالية تعاملت مع تلك القوى بمنطق المساندة المتبادلة من دون أن تلزمها بالتحول نحو مبادئ دولة القانون والمؤسسات وهو ما يطرح سؤالا جوهريا هو كيف يمكن الدخول في حوار وطني شامل من دون معالجة الاختلالات التي تعد الأصل العميق لكل المشاكل الجوهرية التي يعاني منها البلد ؟.

 

وردا على هذا التساؤل أدرك فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني منذ تسلمه مقاليد السلطة أن مسؤولية المرحلة تفرض عليه مواجهة الحقائق كما هي بمنظور استراتيجي لا مجاملة فيه.

ومن هذا المنطلق وجد نفسه عمليًّا أمام خيارين لا ثالث لهما:

إمّا أن يواصل النهج الذي كان قائمًا منذ عقود، والذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم؛وإمّا أن يباشر جوهريا في بناء دولة القانون و المؤسسات .

 

وبين الخيارين اختار صاحب الفخامة أن يدخل التاريخ من بوابة معركة بناء موريتانيا المستقبل وإعلان القطيعة مع ممارسات الماضي ومنطقه لا في الخطاب فقط بل في توجيه الدولة وخياراتها الكبرى.

 

ونظرا لأهمية هذا المنعطف التاريخي كان من المفترض أن يقام حوار وطني شامل بمشاركة جميع الطيف السياسي من دون استثناء على أساس هذه الرؤية نفسها من أجل دراسة وضع البلد في عمقه وتبادل وجهات النظر حول ما ينبغي القيام به من إجراءات تؤسس لمشروع دولة عصرية تستمد قوتها من أبنائها وفق مبادئ القانون والعدالة والمساواة. دولة تعتمد التشاور والحوار أسلوبا ونهجا سياسيا ودولة يجد فيها جميع المهتمين بالشأن العام ذواتهم وموقعهم الطبيعي في خدمة الوطن. دولة يعمل فيها الطيف السياسي أغلبية ومعارضة يدا بيد من أجل المصلحة العليا للبلد ودولة يدرك القائمون عليها من أغلبية ومعارضة أن أمنها واستقرارها وسمعتها مسؤولية مشتركة لا مجال فيها للمزايدة.

 

دولة تحظى فيها المعارضة بالتقدير والاحترام ويكون رأيها مسموعا والأبواب أمامها مفتوحة لتكون جزءا من عملية البناء.

 

وفي هذا السياق لقد واجه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وبقوة ومن موقع المسؤولية هذه الأعطاب البنيوية منذ اليوم الأول اختلالات الوعي وضغط البنى التقليدية وضعف المؤسسات. ومن الضروري اليوم أن يكون الحوار الوطني امتدادا لهذه المواجهة ودعما لها .

 

كما يجب أن يباشر الحوار مراجعة جذرية لنمطنا الديمقراطي لأنه يشكل جوهر الإشكال إذا أدركنا أن النموذج الديمقراطي الذي يروج له الغرب لا يلائم خصوصياتنا التي لم تؤخذ في الاعتبار عند من وضعوه. لذلك يحق لنا بل يفرض علينا واقعنا أن نبتكر النموذج الديمقراطي الذي ينسجم مع بيئتنا نموذج نتوافق عليه ونقدمه كصيغة عربية إفريقية جديرة بالاعتبار بدل أن نبقى ساحة لتجريب نماذج جاهزة قادمة من غرب نختلف معه اختلافا تاما في خصوصياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.

 

محمد ولد كربالي / عضو المجلس الوطني لحزب الإنصاف .

إعلانات

 

إعلان