
تتراوح ذكري عيد الإستقلال بين التمجيد و التقييم الذاتي حيث تمجد المناسبة تضحيات الأجداد و النضالات التي أدت إلي تحقيق الحرية و الوحدة الترابية و الإحتفاء بالسيادة الوطنية .
بينما تدفع إلي التقييم الذاتي للتحديات الحالية و الفرص المستقبلية و كيفية تحقيق الإستقلال التام في مختلف مجالات الحياة .
كما تعد أيضا مناسبة وطنية هامة للتأمل من جهة و لتجسيد المأمول في بناء المستقبل من جهة أخري ،
و حدثا تاريخيا بارزا يؤرخ لمنعطف طبع مسار قيام الدولة المركزية.
يعكس رؤية عامة لحالة الوطن منذ الإستقلال إلي اليوم.
تتطلب استنطاق الماضي التليد و استحضار الحاضر الوليد من خلال تجليات المنجز الوطني و ظروف المرحلة.
كما تشكل فرصة لإعادة شحذ الهمم للنهوض بالوطن و التحفيز علي العمل و البناء في مختلف المجالات و الميادين.
إن نشأة العاصمة انواكشوط و قيام الدولة الموريتانية جاءت في ظروف خاصة ومن اللاشئ .
ففي خضم أخذ و رد بين الإرادة و الإصرار تم إعلان مدينة انواكشوط حينها عاصمة سياسية لموريتانيا من داخل خيمة وبر مضروبة لهذا الغرض فوق كثبان رمال متحركة في ظل غياب تام لأبسط مقومات الحياة و عدم وجود أي مظاهر لمؤسسات الدولة.
ما تم مراعاته في هذا الصدد و خلال التحول السوسيولوجي في نمط الحياة هو خصوصية المجتمع الموريتاني و ضرورة استقراره حضريا و استقطابه عبر المدينة الفاضلة.
هكذا كانت ظروف النشأة و تأسيس البلد.
صحيح ان المستعمر الفرنسي لم يترك أي أثر لبني تحتية و لا لملامح حياة داخل ربوع الوطن علي غرار واقع بعض المستعمرات الفرنسية المجاورة و المحيطة بنا.
بقدر ما خلف آثار نهب ممنهج لثروات و مقدرات خيرات البلد طيلة الحقبة الإستعمارية و بعيد الإستقلال .
فكان من الضروري في هكذا ظروف أن تكون عملية تأسيس العاصمة و تشييد البلد مدعاة للإستقرار و التركيز في ظل مجتمع بدوي طبعه الترحال.
فالذكري الأولي حملت جملة من القيم المرتبطة بالوطنية الحقة و المواطنة الإيجابية المتمثلة في الإلتزام و الوفاء ، و الإخلاص و الصدق ، التضحية و الإيثار و نكران الذات.
تذكيرا للأجيال الناشئة بمدي معاناة الآباء من أجل الحصول علي الحرية و الإستقلال و لما يمثله هذا اليوم من رمزية تاريخية ذات دلالات عميقة.
و ضرورة غرس هذه القيم في نفوس الأجيال الصاعدة حتي تنمو فيهم روح المواطنة و الإعتزاز بالانتماء للوطن
للمساهمة ايجابا في بناء المسار التنموي و خلق القدرة لديهم علي تنمية البلاد و كسب الرهانات المتعلقة بالتنمية الشاملة و المستدامة من خلال إنزال مشروع المجتمع الحداثي الديمقراطي.
ففي ضوء الذكري الخامسة و الستين لعيد الإستقلال المجيد و علي مدي العقود الستة و نيف الماضية .
مرت البلاد بالعديد من المحطات و المنعطفات التاريخية البارزة التي انعكست تراكماتها لترسم ما آلت إليه الأوضاع اليوم و التي يصفها البعض بالأسوأ و بالمتدنية مقارنة بأحوال بلدان مجاورة نالت استقلالها بالتزامن معنا رغم امتلاكها لموارد طبيعية أقل.
و بحكم ما تزخر به بلادنا من ثروات متنوعة هائلة إضافة إلي نسبة كثافة سكانية قليلة.
و هو ما يعكس عجز و فشل سياسات حكوماتنا في الماضي و فساد النخبة و الأنظمة السابقة ،
تأسيسا لما سبق ينبغي أن تظهر الحكومة الإرادة الجادة للإصلاح و القدرة علي إنزال و إسقاط البرنامج الإنتخابي لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، طموحي للوطن علي أرض الواقع .
عبر تركيز الجهد في التخطيط الجيد و التنفيذ المحكم .
هناك أمور عاجلة يمكن إتخاذ قرارات و تدابير بشأن علاجها.
بينما ثمة ما يتطلب دراسة متأنية يعقبها إعلان خطة عمل من الحكومة .
فتحديد المسؤوليات و وضعها في إطارها الصحيح علي كل المستويات هو أحد متطلبات الشفافية و القدرة علي المحاسبة
فحيازة الحكومة علي الرضاء الشعبي مرتبط بتحقيق النجاحات المتراكمة .
و بناء الثقة متصل و مرتبط أيضا بمصداقية و واقعية الوعود .
و إن كان بعض المحللين الإقتصاديين يري بأن الحصيلة أو النتيجة لا تقاس فقط بالمنجز و الأرقام علي أهميتها و لكن بما ترسمه من معالم تغيير هادئ و منشود في الأفقين المتوسط و البعيد ،
و بما تقدم من إجابات لإشكالات الحاضر و متطلبات و تحديات المستقبل.
إذ لا تنضج الشعوب و تتسع مطامحها لبناء حاضرها و مستقبلها إلا من خلال استحضارها لتاريخها و مقاربة لحظاتها النضالية و استخلاص العبر من مختلف محطاتها.
تكريسا لما في لحظات الماضي و الحاضر من قوة جذب باتجاه مستقبل يسعي للأفضل.
عيد استقلال مجيد
اباي ولد اداعة.












