النقابات المركزية العمالية بين أهمية الدور و ضرورة التجديد/ اباي ولد اداعة

أحد, 11/02/2025 - 17:24

تكمن أهمية تجديد النقابات العمالية المركزية في قدرتها علي التكيف مع عالم العمل المتغير و حماية حقوق العمال بشكل فعال في وجه التحديات الجديدة ،

من خلال تحديث هياكلها و تعزيز مشاركة الشباب و النساء فيها .

و هو ما يقوي النقابات المركزية و يجعلها أكثر تمثيلا للتنوع الموجود في قوة العمل ،

و تجديد خطابها ليكون أكثر إستجابة لتطلعات العمال و بالتالي يؤدي إلي تحسين ظروف العمل .

فالتجديد ضروري لمواجهة تحديات البطالة و خصخصة كبريات الشركات الخدمية و التغييرات الإقتصادية و الإجتماعية. 

مما يعزز دور النقابات كقوة فعالة في الدفاع عن العدالة الإجتماعية و المشاركة الديمقراطية و تحسين النظام السياسي عبر المشاركة فيض سن القوانين و المساهمة في خلق رؤي إستراتيجية تخدم المصلحة العامة ،

كما يشجع التجديد النقابي في إحداث تغييرات علي مستوي قيادات العمل النقابي من خلال الممارسة الديمقراطية داخل الهيئات و المركزيات النقابية و إعطاء الفرصة لأعضاء و نشطاء نقابيين جدد للمشاركة في إتخاذ القرارات النقابية و ممارسة حقهم في الوصول إلي المواقع القيادية للنقابات ،

حتي لا تبقي القيادة حكرا علي أسماء دون غيرها وفق مقاسات خاصة .

بما يتيح فرص للتغيير بضخ دماء جديدة و علي نحو يحقق مبدأ تدافع الأجيال و يكرس حرية الإختيار .

كما يهدف التجديد أيضا إلي توسيع قاعدة العضوية داخل الهيئات و المركزيات النقابية و خاصة بين العمال من فئات الشباب و النساء و العاملين في قطاعات العمل الجديدة و الحديثة التي ظهرت مع تطور عالم العمل إلي جانب المستجدات التي أنتجت مهنا جديدة في سوق العمل و داخل القطاع غير مصنف .

تحتاج لتمثيل نقابي و فرصة لإشراكها في تمثيل قطاعاتها العمالية الجديدة و حماية مصالحهم ضمن إطار العمل النقابي .

في حين يجمع معظم المراقبين لشأن العمال بأن النقابات المتجددة أكثر قدرة علي بناء التحالفات مع منظمات المجتمع المدني ،

مما يشكل قوة تأثير للدفاع عن قضايا أوسع مثل : العدالة الإجتماعية و الأمان الوظيفي و المشاركة الديمقراطية. 

علي نحو يسمح بالإنخراط في الحركات الإجتماعية الجديدة و الدفاع عن قضايا من قبيل توفير فرص العمل اللائق و الحفاظ علي الخدمات العمومية و مواجهة الآثار السلبية للخصخصة و غيرها .

بالمقابل نجد ثمة تحديات كبيرة و كبيرة جدا تواجه النقابات في عملها لخدمة أعضائها بما ينسجم مع المتغيرات و المستجدات في بيئة و عالم العمل .

1.كالتغييرات السريعة داخل سوق العمل بإستحداث مهن و ظهور انواع عمل جديدة ،

مثل : انتشار العمل الحر غير مصنف ، العمل عن بعد ، الإقتصاد الرقمي .

مهن ضمن أخري شكلت تحديا للنقابات لطبيعتها و خصوصية مشاكلها و متطلباتها النقابية .

2.ضعف الوعي النقابي لدي العمال بأهمية النقابة و دورها في الدفاع عن حقوقهم .

3.عزوف معظم فئات الشباب و النساء عن المشاركة في العمل النقابي لأسباب متباينة .

4 .ضعف التشريعات و القوانين و غياب الرقابة و المتابعة لحماية العمال .

5 مماطلة الحكومات و أرباب العمل من خلال عدم التعاطي الإيجابي مع العرائض المطلبية للعمال المتمثلة في تحسين ظروف العمل و الأجور و الضمانات الإجتماعية، التي يرفعها ممثلو المركزيات النقابية و يسلموها للجهات المعنية كما جرت العادة كل فاتح مايو،

خيث كان التجاوب يتم معها في السابق بشكل جاد و موضوعي ،

أما اليوم فتختفي بإختفاء ملامح عيد العمال ،

دون رد رسمي علي العرائض المطلبية أو إستجابة لدعوات الحوار التي تطلقها النقابات المركزية أحيانا كشريك إجتماعي. 

بشأن ظروف و حقوق العامل الذي لا يقل شأنا أو أهمية عن وسائل الإنتاج الأخري .

و بإعتبار أن العنصر البشري جزء من رأس المال .

6 . جشع رجال الأعمال و تجاهلهم لقوانين الشغل في ظل التمايز و التراخي الحاصل في تطبيق القانون .

7 . العمل التقليدي و محاربة التجديد ،

فبعض النقابات العمالية مازالت تسيطر عليها في كل الأوقات قيادات نقابية قديمة ذات ميول حزبي و سياسي ،

و هو ما أضعف إدارة برامجها و أنشطتها و قلص من خطواتها النضالية و قلل من فعاليتها و قدرتها علي إحداث التدخل المطلوب و المنوط بتحقيق مصالح العمال .

لا شك أن مظاهر التراجع و الضعف في أداء الحركة النقابية هو نتيجة حتمية لتدني مستوي روح النضال داخل اوساط العمال و لدي المسؤولين القائمين على شأن النقابات المركزية في ظل تراجع شعبية النقابات مما أدي إلي تراجع ملحوظ في تأثيرها و قدرتها علي ممارسة الضغط السياسي و الإجتماعي مقارنة بما كان عليه الحال قبل التسعينات .

حيث كانت النقابات تشكل قوة ضاربة و وازنة و حاسمة في مواجهة سياسات الحكومة و أرباب العمل .

قبل أن تميل ميلا و تستكين للهدنة .

رغم حجم فساد وظلم و غطرسة الإدارة الموريتانية ،

مما جعل البعض يتهمها بالتخاذل و التراجع عن دورها الأساسي.

لدرجة أن كل شئ أصبح يقاس بمقاس التربح .

ففي الوقت الذي تراجعت فيه قيم النضال و تغيرت معه مستويات التعبئة و التحضير للتجديد النقابي ،

فإن ثمة نقابات داخل المشهد مازالت تحافظ إلي حد ما علي مواقفها و مبادئها الثابتة و تؤدي دورها في الحراك الإجتماعي دون المستوي المعهود لها في السابق ،

ربما من باب ( الطبه )

فدخول الشركات الوسيطة علي خط العمل و تشغيل عمال لفترات طويلة برواتب منقوصة و بأقل الأجور دون عقود تحمي حقوقهم أو الإستفادة من التغطية الصحية

يعد جريمة لا تغتفر بحق الإنسان.

أقل ما يمكن أن يقال عنها بأنها عبودية معاصرة مقيتة .

كالعمال المؤقتين أو الغير دائمين داخل كبريات الشركات الوطنية و القطاعات الوزارية.

إلا ان قرار الترسيم الأخير الذي شمل آلاف العمال غير دائمين داخل قطاعات حيوية كالإعلام و الطاقة ( صوملك ) إلي جانب الزيادات التي حصلت خلال الفترات الأخيرة و أستهدفت الرواتب و المعاشات و رفع الحد الأدنى للأجور و التي جاءت إستجابة لعهود إنتخابية سبق و أن تعهد بها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال حملات إنتخابية سابقة .

و هو ما قطع الشك باليقين بأن ثمة إرادة جادة و صادقة لدي رئيس الجمهورية بشأن إصلاح تراكمات فساد الأنظمة السابقة في مجال حقوق العمال، 

حيث جاء قرار الترسيم الصائب كحل دائم لمأساة و معاناة إنسانية أمتدت لأكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة. المركزية .

بهدف تعزيز الإستقرار الوظيفي و الدفع بمختلف فئات العمال للمساهمة بشكل فعال في بناء و تنمية البلد .

كخطوة إيجابية لوضع حد لمراحل الظلم و الإقصاء و التلاعب بحقوق العمال و المماطلة و الكذب .

فترسيم العمال يمثل جزءا من سياسات تحقيق العدالة الإجتماعية. 

لكن كل هذه الخطوات الإيجابية سرعان ما يصاحبها بالمقابل زيادة موازية و كبيرة لأسعار المواد و السلع ،

نتيجة جشع التجار و سيطرة أصحاب النفوذ و رجال المال و الأعمال علي الأسواق و علي جميع مفاصل الدولة ،

فيلتهم الغلاء فرحة الترسيم و الزيادات .

بالتأكيد المطلوب من النقابات المركزية العمالية هو الدفاع عن حقوق العمال بكل مسؤولية و تعزيز مكاسبهم من خلال التفاوض الجماعي مع أصحاب العمل لتحسين الأجور و ظروف العمل و توفير بيئة عمل آمنة ،

بالإضافة إلي تقديم الدعم و المساعدة لأعضائها و منتسبيها و حماية حقوقهم في مواجهة أرباب العمل و الهيئات الأخري .

كما تشمل مهامها الأساسية ،

تعديل القوانين المتعلقة بالعمل لضمان الأمان الوظيفي و الرفاهية الإجتماعية للعمال .

فحينما تضيع قيم النضال النقابي و تقتل المبادئ يطغي كل شر ،

يسود الكذب و يعم النفاق و تكثر الخيانات ،

و ينتشر بالتالي الفساد !!!

 

تحية إحترام و تقدير لكل مناضل نقابي مخلص للوطن و المواطن .

اباي ولد اداعة .

إعلانات

 

إعلان