قراءة في معايير و دلالات التعديل الوزاري الجزئي الأخير

سبت, 09/20/2025 - 11:57

أعلن رسميا عن أول تعديل جزئي علي حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي، 

بعد أسابيع من الترقب و الإنتظار والتكهنات التي لا حدود لها .

تم بموجبه تغيير وزراء و تبادل مهام بين أعضاء من نفس الحكومة السابقة،

شمل إحدي عشر حقيبة وزارية .

بدت بصمات الوزير الأول واضحة بشأن التعديل ،

حيث أطاح بأحد قادة الحرس القديم من وزراء السيادة ( العدل ) دون أن يمس التغيير الداخلية ، الخارجية ، الدفاع .

إلا أن الوزير المقال سرعان ماعاد و بالتزامن مع ظهور التشكيلة الجديدة من بوابة القصر الرمادي كوزير مستشار لدي رئاسة الجمهورية. 

و في الوقت الذي تم فيه الإحتفاظ بأسماء ضمن التعديل الجديد محسوبة علي الوزير الأول و من مواقع مختلفة لعل أبرزها وزارة العدل .

كما نجت من التعديل أيضا قطاعات وزارية خدمية إجتماعية مثل : الشؤون الإجتماعية، التعليم بشقيه، النقل و التجهيز ، الطاقة و المياه ...الخ .

من جهة أخري حمل التعديل الوزاري وجوها جديدة دخلت المعترك الحكومي لأول مرة و تولت قطاعات هامة و حساسة مثل : الصحة و الوظيفية العمومية .

كما تم إعادة الثقة لشخصيات سياسية و تكنواقراطية قديمة من جيل المتقاعدين سبق و أن كانا أعضاءا في حكومات سابقة خلال العهد الطائعي ( منذ أزيد من 20 سنة ) .

في خطوة و صفها بعض المراقبين بالأقرب لنبش القبور .

رغم ما يمتلكه الوطن من رصيد بشري هائل و كفاءات شابة متعلمة بعضها ذات خبرة مكتسبة دوليا في إنتظار التوظيف أو التعيين في مناصب عليا أو وزارية . 

فهل من الصدف 

إسناد قطاع الشؤون الإسلامية و للمرة الثانية تواليا لأحد فقهاء الصيد البحري 

أم أن الأمر يحتاج لفقه النوازل ؟!! 

بالتأكيد ما ميز الهيكلة الجديدة لقطاع المالية و الإقتصاد ضمن التعديل هو إنفصال الإقتصاد عن المالية بعد زواج متعة و مصالح لم يدم طويلا .

و في سياق أعم أنقسم الشارع الموريتاني بشأن التعديل الجزئي ما بين : -

- مؤيد : يري بأن التعديل يدخل ضمن مسار إصلاحي واسع سبق و أن تبنته حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي وفق ما تمليه المرحلة من جهة و ما تقتضيه ملفات يري فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني من جهة أخري بأنها ذات أولوية إستراتيجية ضمن برنامجه الإنتخابي طموحي للوطن . بهدف تحقيق الفعالية و السرعة في تنفيذ الإصلاحات الجوهرية .

- أو مراقب و محلل : يري بأن التعديل الأخير لم يأت بجديد ولم يعكس تطلعات و رغبة المواطن في التغيير المنشود بقدر ما هو إعادة ترتيب موازين القوي داخل النخبة الحاكمة ضمن تعديل يخضع دائما لمحددات و معايير ثابتة محصورة في دائرة :

-التوازنات القبلية و الجهوية .

-المحاصصة الشرائحية .

-تدوير الأشخاص.

-التوزير العائلي و الأسري. 

-تمكين الأحزاب الداعمة من داخل الأغلبية من تسجيل حضور داخل التشكيلة الحكومية. 

بهذا نظل ندور بشكل منتظم في دوامة من سياسات التدوير التي تراكم الفشل و تشخصن المناصب علي حساب أهمية الموقع و تنفيذ السياسات و البرامج و مراكمة النجاحات.

هذا النمط قد لا يرقي

دائما إلي وصفه بالفساد الصريح . 

لكنه يعكس خللا في آلية الإختيار و ضعفا في الشفافية وتغليبا للولاء السياسي و القبلي و الجهوي علي الكفاءة. 

و مع الوقت يصبح التعديل بالنسبة للمواطن مجرد تغيير شكلي لا ينعكس علي تحسين الأداء الحكومي أو تطوير الخدمات .

ففي التجارب السياسية للدول المتحضرة و الديمقراطيات المتقدمة لا يحدث التعديل الوزاري إلا نادرا و لأسباب محددة و واضحة .

إما لتصحيح مسار أو إدخال كفاءات جديدة أو مواجهة أزمة طارئة .

إذ يعتبر إستقرار الفريق الوزاري جزءا من إستقرار الدولة .

فيتم إختيار الوزراء وفق معايير شفافة و خطط عمل معلنة، 

و يقيم الأداء بشكل مؤسسي يحدد بقاء الوزير أو خروجه. 

تأسيسا لما سبق فإن أي تعديل وزاري يمكن أن يكون أداة إصلاح فعالة ،

إذا جاء في إطار رؤية واضحة و ربط بخطط و برامج قابلة للتنفيذ ،

 ضم كفاءات وطنية حقيقية مخلصة للوطن تؤمن بالإصلاح و التغيير و قادرة علي الإنجاز .

فحينما يبقي التعديل محصورا في دائرة الأسماء ذاتها .

ضمن التوازنات القبلية و الجهوية و المحاصصة الشرائحية و تدوير الأشخاص و التوزير العائلي. فسيفقد معناه و يتحول إلي حركة شكلية تستهلك الجهد و الوقت و تبقي المشهد السياسي في حالة دوران حول نفسه، 

و هكذا دواليك !!

 لا شك أن 65 سنة من قيام الدولة المركزية في ظل ما نملك من ثروات وخيرات هائلة و متنوعة كانت كفيلة بالنهوض بالبلاد و العباد نحو واقع أفضل و تنمية أكثر إستدامة . 

 

حفظ الله موريتانيا 

   اباي ولد اداعة 

إعلانات

 

إعلان