
يلاحظ هذه الأيام داخل مقاطعات ولايات انواكشوط الثلاثة ،
تعاظم و إنتشار جرائم الطعن و القتل و السطو و الإغتصاب....
داخل أوساط الأطفال القصر المراهقين و الشباب ،
بشكل غير مسبوق تحركه تارة أسباب تافهة في إطار مشادات كلامية أو عراك أصدقاء غير مألوف داخل المجتمع سرعان ما يتحول إلي مأساة بفعل تأثير حبوب الهلوسة أو مؤثرات عقلية أخري .
تأتي هذه الأحداث تواليا في ظل شبه إنفلات أمني ملاحظ داخل بعض المناطق و مايشهده الشارع الآن من تسيب للأطفال و الشباب مع بداية إغلاق المدارس و في ضوء التطور المتسارع للسلوك الإجرامي الذي أصبح من خلاله المواطن في حالة رعب دائم ،
لا يأمن فيه علي أهله و ماله و عرضه .
و علي نحو بات يؤرق و يربك السلطات الأمنية و يثير الرعب في نفوس المواطنين و يقض مضاجع المجتمع و يعرضه للخطر المحدق .
لدرجة أن المواطن في بعض الأوقات و الحالات لم يعد في أمن و أمان داخل بيته و أمام أهله .
جرائم سطو و قتل بشعة تحدث و تحصل من حين لآخر و بشكل مفاجئ و مباغت يكتسي طابع العدوانية و الفظاعة ، يدفعنا إلي طرح العديد من التساؤلات
هل أصبح مرتكبو هذه الجرائم يطبعون مع سفك الدماء و إزهاق أرواح البشر و إغتصاب النساء و الفتيات دون وازع ديني أو أخلاقي أو قانوني أو خوف من عواقب ؟!
فمعظم الضالعين في هذه الجرائم هم من فئات عمرية صغيرة و في رعيان الشباب ذكورا و إناثا قصرا و بالغين و في أكثر الأحيان من أصحاب السوابق ،
فمع إنطلاق العطلة الصيفية يمر الطلاب عادة بفترة مليئة بالفراغ و التغييرات في الروتين اليومي،
الأمر الذي يستدعي إهتماما من الأهل في الجوانب النفسية و التربوية .
و من الدولة عبر خلق فضاءات ثقافية و رياضية من أجل إرساء برامج بديلة لملأ الفراغ أو عبر إنشاء ساحات عمومية للتسلية و الترفيه و تجديد نشاط الذهن و البدن ،
مما يعزز ثقة الأبناء بأنفسهم و تطوير مهاراتهم و قدراتهم من خلال أنشطة رياضية أو إبداعية و تعليمية و تطوعية ،
تفتح أمامهم آفاقا جديدة في التفكير و العمل و الإنتماء المجتمعي .
إذ غالبا ما يتم إستدراج الأطفال القصر في فترات الراحة من قبل أقرانهم في أماكن يغيب فيها البالغون سواء في الواقع أو عبر الفضاء الإفتراضي أو الرقمي ( الإنترنيت ) ،
بحيث تسهم تطبيقات التراسل المشفر أو وسائل التواصل الإجتماعي في دفع الأطفال نحو بيئات إجرامية دون إدراكهم ذلك .
رغم التدابير الأمنية الواسعة و الجهود المبذولة ليل نهار و الإنتشار و الدور الكبير لمفوضيات الشرطة العمومية و الخاصة بالقصر أو الجرائم السيبرانية بهدف رصد المخاطر في وقت مبكر و الحد من إرتكاب الجريمة أو القبض علي الجناة ،
في الوقت الذي تتمركز فيه مختلف الأجهزة الأمنية و تنتشر علي نطاق واسع دوريات الدرك و الحرس و الشرطة ،
في محاولة لفرض بسط سيطرتها عبر مداخل و مخارج مقاطعات ولايات انواكشوط و مناطقها الهشة .
دون أن تعيق أو تمنع تلك التدابير الأمنية الوقائية في بعض الأحيان من إرتكاب جرائم قد تكون بشعة و قاتلة في آن واحد .
صحيح مع مرور الزمن اتسعت و كبرت العاصمة انواكشوط و أزداد حجم الساكنة و تغيرت فيها مفاهيم الحياة و العقليات ،
بشكل تفاقمت معه هذه الجرائم علي نحو مخيف داخل أوساط الشباب و المراهقين ،
نتيجة تفشي السلوك الإجرامي و شيوع الفساد الأخلاقي و تأثيرات سوء إستخدام المراهقين للهواتف الذكية و ما تتيحه من محتويات و تطبيقات هدامة خاصة التيكتوك و مثيلاتها و في ضوء غياب التدابير الأمنية الوقائية و الإهمال الأهلي و التسيب المدرسي و تراجع دور الأسرة و المدرسة و علماء الدين و ضعف الوازع الديني و تراجع القيم المجتمعية و طغيان المادة و انتشار البطالة و فشل سياسات تشغيل الشباب ،
في ظل الإقبال الكبير علي تعاطي و إدمان المخدرات و ما تخلفه من آثار مدمرة علي صحة الشعوب و عقولها فضلا عن تأثيرها السلبي علي إقتصاد و إستقرار و تقدم الدول .
هكذا يقع الأطفال و الشباب ضحية إستعمال هذه السموم العابرة للقارات و المدمرة للمجتمعات و التي تهرب عبر مختلف وسائل النقل نهارا جهارا برا جوا بحرا و بأغرب الطرق و الحيل .
لذا يظل من الضروري إيجاد حلول سريعة و مناسبة لهذه الظاهرة الدخيلة علي عاداتنا ،
بعدما انتشرت و بشكل كبير في الأسواق و المدارس ..
و تغلغلت داخل المجتمع مستهدفة طبقة المراهقين و الشباب و التي تمثل النسبة الأكبر من المجتمع و أجيال الغد .
هذا وقد نجح قطاع الدرك الوطني في وقت سابق بفضل يقظة عناصره من تفكيك أكبر شبكة تهريب ذات نشاط واسع داخل الوطن تمتهن إستيراد و توزيع حبوب الهلوسة السامة و الضارة و الأدوية المغشوشة القاتلة بكميات كبيرة و كبيرة جدا تم ضبطها داخل مخازن وسط أحياء شعبية كانت كافية لتدمير المجتمع ،
بالإضافة إلي غسيل الأموال و تهريب المخدرات ،
عملية نوعية لجريمة منظمة مكتملة العناصر تم ضبط الضالعين فيها و إحالتهم للعدالة،
لكن ماذا بعد ؟!
تأسيسا لما سبق تتطلب معالجة هذه الظاهرة تضافر و تكاتف جهود الجميع حكومة و شعبا و أجهزة أمنية و منظمات مجتمع مدني ،
بغية إيجاد حلول بديلة تنسجم مع العصر الذي نعيش فيه ،
بحيث ينبغي خلق مفاهيم أمنية تواجه الجريمة من خلال عمل أجهزة الدولة كاملة في منظومة واحدة،
مع ضرورة تعزيز الأمن داخل المناطق و الأحياء الشعبية الهشة و تعميم الدوريات بشكل يواكب توسع العاصمة انواكشوط و يراعي الكثافة السكانية لكل منطقة .
بالإضافة لتوعية الأفراد و الأسر و العوائل ،
و بث البرامج التي تحمل مضامين توعية سليمة ،
بدءا بتربية الناشئة داخل المنزل و تحصينها بالقيم و الثوابت الدينية و الوطنية و المبادئ المجتمعية الصحيحة ،
لأن العصا الغليظة كانت طريقة قديمة للعلاج ،
لا تصلح اليوم بأي حال من الأحوال تحت أي ظرف أو مسمي كان !!!
حفظ الله البلاد و العباد
اباي ولد اداعة


