في زمن اختلطت فيه الأصوات، وتباينت فيه المواقف، وتكاثر فيه العابثون بسمعة الصالحين، ظَهرت أسماءٌ تأنف النزول إلى مستنقع الردود، وتتخذ من الصمت قوة، ومن العمل سلاحًا، ومن الخير نهجًا لا يشوبه تردُّد. من بين هذه الأسماء، لمع اسم الشيخة العزة منت الشيخ آياه، لا بمالٍ تُباهي به، ولا بمنصبٍ تسعى إليه، بل بسخاءٍ يفيض على الضعفاء، وعونٍ دائمٍ للفقراء، ويدٍ لا تُقفل أمام المحتاجين.
رغم ما تتعرض له من حملات تشويه ممنهجة، تستهدف نُبلها قبل شخصها، وتريد أن تطمس ملامح الخير التي غرستها في قلوب الناس، أبت الشيخة العزة إلا أن تسير في طريقها بثبات ووقار. لم تُجب السفهاء بسفههم، ولم تنزل إلى مستوى المهاترات، بل اختارت أن تُجيب بالفعل، بالعطاء، وبمواقف لا تنسى.
في أوساط المهمشين والمعدمين، حيث يغيب الضوء وتُطوى المعاناة تحت الغبار، كانت الشيخة العزة حاضرة. لم تكن زياراتها مجرد لقطات استعراضية ولا صورًا موسمية، بل كانت تجسد حضورًا إنسانيًا دائمًا، تلمس فيه الأرملة يدًا تحنو، ويجد فيه اليتيم صدرًا حانيًا، ويشعر فيه العاجز بسندٍ لا يُخيّب رجاءه.
فمن أعماق الجنوب إلى أقصى الشمال، ومن قرى الفقر المنسي إلى بيوت العجز البسيط، كانت العزة تسير بخطى واثقة، تُغيث ملهوفًا، وتُسهم في بناء فصل، أو توفير دواء، أو تفريج كربة.
والعجب أن كل هذا العطاء الهادئ والمستمر لم يكن حصنًا لها من سهام المشككين، ولا درعًا من ألسنة لا تتورع عن الافتراء. لكنها – كعهدنا بها – لم تُغيّرها الظنون، ولم تُوقِفها الافتراءات، لأنها تدرك أن النية الطيبة والعمل الخالص هما الجواب الحقيقي لكل حملةٍ مغرضة.
وليس من العدل أن تمر هذه الصورة المشرقة مرور الكرام، دون أن تجد من يُنصفها، ويدوّنها للتاريخ. فالعزة ليست فقط امرأة معطاءة، بل هي رمز للثبات النسائي في وجه العاصفة، وصوت للكرامة في زمن التلاعب، ووجهٌ للخير حين تتخفى القيم.
قد يسهل على البعض أن يشوه صورة الآخرين، لكن من العسير أن يُطفئوا نورًا غرس جذوره في قلوب الناس. ولذا، ستبقى الشيخة العزة منت الشيخ آياه، كما عهدها من عرفوها: سخية مع الضعفاء، وعونًا لهم، لا تنكسر أمام الحملات، ولا تنحني أمام الزيف.
في خضم فوضى التشويه، تظل الحقيقة ثابتة، والعمل الطيب لا يموت، ومَن وهبَ نفسه للعطاء، فإن الناس تحمله في قلوبهم، ولو تجرأ البعض على تشويه صورته في الإعلام.
