
حلقتنا اليوم عن الوزير والنائب المرحوم محمد المختار ولد الزامل الشخصية الوطنية الرفيعة ،
السفير الثاني عشر ضمن سلسلة شبكة رياح الجنوب التي تنشرها عن سفراء موريتانيا لدى السنغال بقلم المدير الناشر محمدن ولد عبدالله
لقيت الوزير محمد المختار في منزله العامر بنواكشوط في ابريل 2022 وأجريت معه مقابلة شيقة حول فترته على رأس السفارة في دكار ،
وكان لقاء أريحيا وثريا وغنيا غمرني فيه بكرمه وتواضعه رغم ضعف البدن وتقدمه في السن، كان بين الفيئة والأخرى من حديثنا يترنم بمقطوعات الشاعر بيراغو ديوب خاصة منها المتعلقة ب Saint louis du senegal، le centre de l’élégance et du bon goût sénégalais كان يستحسن هذه الجملة كثيرا رحمه الله..
استفدت منه الكثير في ذلك اللقاء وحصلت منه أيضا على معلومات بالغة الأهمية ، خاصة عن فترة الأحداث الموريتانية السنغالية في العام 1989 ، حيث أدار تلك الفترة البالغة الصعوبة بحكمة بالغة ، ورباطة جأش ، وشجاعة منقطعة النظير ، بجانب زميله المستشار الأول في السفارة انذاك السفير بلال ول ورزك الذي يُكِنُّ له محمد المختار الكثير من الإعجاب والتقدير،
فقد وصل السفير محمد المختار إلى دكار بصفته السفير الثاني عشر لموريتانيا لدى السنغال
خلفا للسفير محمد عبد الله ولد الخرشي، وكان على دراية جيدة بصعوبة الفترة، فقد وصلت العلاقات مرحلة من التأزيم غير مسبوقة وشعارات التحريض ضد الجالية الموريتانية في السنغال ملء السمع والبصر، وقد حاول السفير وضع صناع القرار في انواكشوط في صورة المشهد في دكار, من خلال تقارير أسبوعية ودورية كان يرسلها لمديرية قطاع افريقيا بوزارة الخارجية, لكنها تُحفظ في الإرشيف ولم تصل وجهتها المطلوبة - وقد عثر الكاتب المؤرخ محمد سعيد ولد همدي بعد ذلك بسنوات على هذه التقارير فقال للسفير لو وصلت تقاريركم للرئاسة في وقتها لكان بالإمكان تجنب أحداث 89 او على الأقل الحد من ضررها ما أمكن-
كان للسفير محمد المختار حضور قوي في اللقاءات العامة بدكار،
ففور وصوله لدكار قام بببناء شبكة علاقات قوية مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد سيجني ثمار تلك العلاقة حيث ساعده سفراء فلسطين والسعودية وساحل العاج مبلغ الجهد أمنيا ودبلوماسيا أيام الأحداث،
كان السفير يعي عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السنغال مع انتشار البطالة نهاية الثمانينات ومدى الحشد والتهييج الإعلامي ضد الموريتانيين من قبل المعارضة بقيادة عبدالله واد بعيد الانتخابات الرئاسية 88 وكانت تقديراتهم آنذاك ترى بأنه مع طرد الموريتانيين يمكن تحصيل 100 ألف فرصة عمل للسنغاليين على أقل تقدير،
غير أن قناعته أكثر بأن السنغال تدار من الفرنسي جان كوليه أكثر من الرئيس عبدو چوف،
فقد حرص على متابعة الوضع بيقظة تامة وقام بدوريات تشرح للتجار الموريتانيين ضرورة مغادرة السنغال على الفور تجنبا للأسوأ،
عند اندلاع الأحداث فتح محمد المختار أبواب السفارة أمام مواطني بلده كما أمر بفتح مكتب خاص بوجود محاسب يستلم ودائع الجالية حتى يتم تأمينها بنجاح وتوصيلها لموريتانيا بأمان ومن المفارقة أن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رحمه الله هو من قام بنقل هذه الأموال من السفارة إلى تونس عبر طائرته الخاصة ومن ثمّ إلى انواكشوط بعد ذلك بفترة،
مكث محمد المختار في دكار حتى شهر اغسطس حيث تم قطع العلاقات بين موريتانيا والسنغال بشكل رسمي،
يقول عنه رفيقه السفير بلال ولد ورزگ ضمن ورقة تأبينية :
"تعرفتُ على المغفور لـه محمد المختار رحمه الله عام 1979 في أبيدجان التي زارها ضمن مهمة الى البنك الافريقي للتنمية (BAD) بصفته وزيرا للتخطيط، وكنت في استقبالــه بصفتي قائما بالأعمال في سفارتنا بالكوتديفوار.
أثناء إقامته في هذه المدينة أذهلني الرجل على الفور بذكائه المتقد وبراعته وعمق بساطته.
في الواقع، لقد احتفظ دائمًا بهذه الصفات طوال حياته المهنية الثريـة، وقد تمكنت من إدراك ذلك جيدا عندما كان المرحوم وزيرًا للخارجية ثم سفيرًا في السنغال حيث كنت اعمل الى جانبه.
تزامن تعيينه سفيــرا في داكار مع تفاقـم الأزمة الموريتانيةـ السنغالية، والتي كانت تتصاعد وتطل برأسها قبل وصوله إلى هذا البلد بوقت وجيز، وعند وصوله كان التوتر قد بلغ أشــده، ويمكن للسفير الذي حل محله أن يشهد على ذلك.
غير انه وإدراكاً منه لصعوبة مهمته الجديدة، فقد فهم على الفور الحاجة إلى إحاطة نفسه بالدبلوماسيين المحترفين من أجل الحد من تفاقم التوترات بين البلدين.
وهكذا، وبناءً على طلبه، قامت وزارة الشؤون الخارجيـة بتعيين ثلاثة مستشارين مهنيين في داكار، من بينهم عبد الرحمن حمزة وتلميدي عمار وأنا.
وعلى الرغم من إصراره على حل الصعوبات وتضافر جهودنا معا في هذا السبيل، فإن الأحداث المؤلمة بين بلادنا والسنغال اندلعت في أبريل 1989، ليعقبها قطع العلاقات الدبلوماسية.
ورغم كل هذا، واصل المرحوم المختار رحمة الله عليه العمل من أجل إحلال السلام من خلال المشاركة الفاعلة في العديد من المشاورات السرية المنعقـدة في فرنسا بين موريتانيا والسنغال، ولقد واصل حضورها حتى تكللت الجهود بإعادة العلاقات الدبلوماسية عام 1992.
أنا على يقين من أن بلادنا العزيزة ستعترف لهذا الرجل المتميز بجميله بعدما خدمها بكل مسؤولية واحترام وبإحساس قوي بالمكانة التي يجب أن تتبوأها الدولة الموريتانية بين الأمم، ولقد اعتاد تقديم المصالح العليا لبلادنا على ما سواها.
ومن جهتي، ما زلت أحتفظ للمرحوم محمد المختار ولد الزامـل بالتقدير باعتباره شخصية وطنية لامعة كما كان رجلا شجاعا، ظل طوال حياته يحظى بالاحترام المطلق من قبل الجميـع."
المسار العلمي والوظيفي:
- المؤهلات العلمية:
تاريخ الميلاد: 31 ديسمبر 1946.
مكان الميلاد: تونكاد، أوجفت، ولاية آدرار.
الدراسات الابتدائية (1953-1959):
مدرسة أطار الابتدائية:
الشهادة: شهادة التعليم الابتدائي.
الدراسات الثانوية (1959-1967):
الثانوية الوطنية في نواكشوط:
الشهادة: بكالوريا تخصص رياضيات، شهادة الدراسة للمرحلة الأولى.
الدراسات العليا (1967-1972):
1969-1972: المدرسة الوطنية للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، باريس، فرنسا.
الشهادة: مهندس إحصاء واقتصاد.
1967-1969: السنة التحضيرية للمدارس الهندسية (باريس):
1968-1969: رياضيات خاصة في ثانوية "لاكانال"، سوتو.
1967-1968: رياضيات عليا في ثانوية "شابيتال"، باريس.
- المسار الوظيفي:
أغسطس 1972: مدير الإحصاء بوزارة التخطيط.
مارس 1974: مدير المكتب المركزي للتعداد السكاني والإسكان.
1975: نائب في الجمعية الوطنية
يوليو 1976: مدير التخطيط مع الجمع بين إدارة الإحصاء وإدارة التعداد السكاني والإسكان.
يوليو 1978: وزير التخطيط والمناجم
أبريل 1979: وزير التخطيط والصيد.
يناير 1980: وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي.
مارس 1981: وزير التخطيط والتعاون.
فبراير 1982: وزير المناجم والطاقة.
مارس 1983: وزير الإعلام والاتصالات.
نوفمبر 1983: مدير الشركة العربية الموريتانية الليبية للزراعة (ساماليدا).
أبريل 1988 - أغسطس 1989: سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية في داكار (السنغال)، ومعتمد في الرأس الأخضر، غامبيا، غينيا بيساو، غينيا وسيراليون.
سبتمبر 1989: المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
سبتمبر 1992: نائب دائرة أوجفت في الجمعية الوطنية.
يناير 1997: المدير العام للمكتب الوطني للإحصاء.
.مارس 1998 - أكتوبر 2001: وزير الصيد والاقتصاد البحري.
مارس 2006: نائب دائرة أوجفت في الجمعية الوطنية.
نوفمبر 2013: نائب دائرة أوجفت في الجمعية الوطنية.
سبتمبر 2018: نائب دائرة أوجفت في الجمعية الوطنية.
توفي الوزير والنائب السابق محمد المختار ولد الزامل في العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يتلقى العلاج صباح السبت 30 سبتمبر 2023
تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
المصادر:
- مقابلة شخصية مع المرحوم محمد المختار ابريل 2022
- حلقة من برنامج الصفحة الأخيرة على التلفزيون الوطني مع الدكتور الشيخ سيدي عبدالله
- وثائق من العائلة
- الصورة من إرشيف الأستاذ الموثق جمال ولد أحمدو
محمدن ولد عبدالله
المدير الناشر لشبكة رياح الجنوب