إن ما يدور اليوم من أحداث متسارعة حول العالم وما يمكن أن ينتج عنها سياسيا واقتصاديا واجتماعياً وكذلك أمنيا، يتطلب من الدول النّامية وشعوبها خاصة الإفريقية منها، أن تُدرك أبعاد المخاطر المحدقة وضرورة النهوض ببلدانهم والمحافظة على بقائهم وأمنهم واستقرارهم وتأمين مستقبل شعوبهم..
لقد أثبت التاريخ أن النهوض بالأمم في الزمن المعاصر مسؤولية الشعوب اولا نظراً لكونها الآلية الفعلية للتنمية من خلال وعيها وتكوينها وإدراكها لما يدور من حولها وحرصها على وطنها و مكانته في العالم .
إن وعي الشعوب ومستوى تحملها لمسؤولياتهم هو الذي يحدد أهمية وقيمة الدولة ومكانتها وهكذا أصبح العالم اليوم منقسم إلى قسمين، الأول يعتمد في تنميته على الشعوب وهو الأكثر نجاحا، والثاني يعتمد على الأنظمة نتيجة عدم وعي شعوبهم بمسؤوليتهم وهم الأكثر معاناة، و المفارقة الكبيرة أن المثقفين والسياسيين والمفكرين وكل من يدّعي الإهتمام بالشأن العام، لم يتناولوا هذا الموضوع ومجمعون على الحديث عن الأنظمة وتقويمها وإخفاقاتها دون أن يقدموا "مقاربات" تتناول الموضوع من هذه الزاوية التي تشكل مصدر إخفاقات الأنظمة وفشل قيام الدولة العصرية.
إننا في موريتانيا مطالبون بوضع استراتجية شاملة نخصص لها العديد من الإمكانيات سنويا من أجل توعية شعبنا وتكوينه على احترام القوانين واحترام الدولة ومؤسساتها ومعرفة ما له وما عليه و تحمله لمسؤوليته و إدماجه في معركة بناء المستقبل، كما سيكون لذلك انعكاساً إجابياً في إبعاده عن الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي.
إن أي حكومة مهما كانت كفاءة اعضاءها لا يمكن أن تحصد إلا ثمرة معرفة ووعي شعبها..
وبعد تجاوز هذه المسلمة التي تعتبر بداية كل شيء يمكننا أن نتحدث عن الحكومات و محاكمتهم على أدائهم في إطار دورهم المحدد سلفاً دستوريا وقانونيا.
إن درجة التنمية في أي بلد تحددها درجة احترام المواطن للقانون والنظام العام وقيامه بواجبه ومعرفته لحقوقه وحينها لم يبقى للحكومة إلا جانب التنظيم و التخطيط لكن في أغلبية الدول التي تسير في طريق النمو مازالت شعوبها لا تميّز بين واجبها ودور الدولة.
وفي الخلاصة يبقى الشعب هو العنصر الذي لا يمكن تغييبه في أي نهضة تنموية منشودة وبالتالي الرجوع إليه من أجل التحاقه بالركب لا مناص منه.
* محمد ولد كربالي
عضو المجلس الوطني لحزب الإنصاف