أشرف الوزير الأول السيد يحيى ولد حدمين صباح اليوم في نواكشوط على انطلاقة أشغال اليوم الوطني لمراجعة الاستيراتيجية الوطنية لمحو الأمية في موريتانيا منظم من طرف وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي بالتعاون مع مكتب اليونيسكو بالمغرب العربي.
ويهدف هذا اليوم إلى تضافر جهود الشركاء الفنيين والماليين لكسب مناصرة قوية للقضايا المتعلقة بمحو الأمية وتعليم الكبار وعرض خطة عمل الاستيراتيجية بغية تمكين المانحين والشركاء الفنيين من التموقع المناسب ضمن المساهمة في تمويل الخطة وتعزيز التعاون جنوب جنوب فيما بين بلدان المنطقة المغاربية حول إشكالية الأمية وسبل التصدي لها.
وأكد الوزير الأول خلال افتتاحه لأشغال اللقاء أن تحرير المواطنين من براثن الأمية يندرج في إطار النهج السديد الذي رسمته التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد العزيز لترقية التعليم وتوفيره للجميع باعتباره رافدا أساسيا للتنمية بمختلف أبعادها يشكل، على وجه الخصوص، السبيل السالك إلى التنمية البشرية المستدامة ومحاربة الفقر والإقصاء والهشاشة.
وأضاف أن اللقاء لمناقشة الإستراتيجية الجديدة لمحو الأمية في بلادنا والتي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة اليونسكو يمثل "محطة متقدمة على هذا الدرب نأمل أن تحظى بدعم ومؤازرة الممولين."
وفيما يلي نص خطاب الوزير الأول
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه أجمعين
السادة الوزراء،
السيدات والسادة المنتخبون،
أصحاب السعادة أعضاء السلك الدبلوماسي،
السيد المدير التنفيذي للتربية بمنظمة اليونسكو
السيدات والسادة الشركاء الفنيين والماليين
السيدات والسادة،
يسعدني أن أشرف اليوم على انطلاق أعمال اليوم الوطني المخصص لعرض الاستراتيجية الجديدة لمحو الأمية أمام الشركاء الفنيين والماليين، ولتسمحوا لي بهذه المناسبة أن أرحب بالمشاركين في هذا الحدث الهام بالنسبة لبلادنا.
أيتها السيدات، أيها السادة
إن تحرير المواطنين من براثن الأمية يندرج في إطار النهج السديد الذي رسمته التوجيهات السامية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد العزيز لترقية التعليم وتوفيره للجميع باعتباره رافدا أساسيا للتنمية بمختلف أبعادها. وهو يشكل، على وجه الخصوص، السبيل السالك إلى التنمية البشرية المستدامة ومحاربة الفقر والإقصاء والهشاشة.
من هنا ينبع عزم الحكومة القوي على أن توفر لكافة مواطنيها من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية، الحق المشروع في التعليم، وأن تضع لهذه الغاية من الأسباب والتدابير ما هو كفيل بتحقيقها على أفضل وجه.
وقد جاء إعلان سنة 2015 سنة للتعليم، وما تم اتخاذه خلالها من خطوات عملية خاصة في مجال تطوير البنى التحتية المدرسية والتركيز على المناطق الهشة، ترجمة صادقة لهذا العزم.
ويمثل لقاؤنا اليوم لمناقشة الإستيراتيجية الجديدة لمحو الأمية في بلادنا والتي تم إعدادها بالتعاون مع منظمة اليونسكو، محطة متقدمة على هذا الدرب، نأمل أن تحظى بدعم ومؤازرة الممولين.
أيتها السيدات، أيها السادة
إن صياغة الإستراتيجية المعروضة عليكم اليوم، تمت على ضوء رؤية استشرافية غايتها تمكين الأفراد من اكتساب الحد الأدنى من التعليم الذي يتحقق لهم به الاندماج الاقتصادي والاجتماعي، والوعي بثقافة المواطنة التي تضمن لهم المشاركة الفعلية في الحياة المدنية من خلال معرفة وممارسة حقوقهم، والنهوض بما عليهم من واجبات.
ومما لا جدال فيه أن التحرر من الأمية والجهل يفتح للمواطنين آفاقا واسعة لتغيير حياتهم وتحسين ظروفهم المادية والصحية والتربوية، وتنمية روح الإبداع والخلق لديهم.
أيتها السيدات أيها السادة،
إن الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة ماضية في الاتساع بوتيرة متسارعة، وخاصة في مجال العلم وأساليب التعلم. ومن أمثلة ذلك أن مفهوم محو الأمية التقليدي أصبح اليوم يتجاوز اكتساب المهارات الأساسية ليأخذ بالحسبان فضلا عن ذلك البعد الرقمي الذي تقوم عليه مجتمعات المعرفة الحديثة.
وبحكم هذا الواقع، يغدو الإسراع بوضع وتنفيذ استيراتيجية جديدة وعصرية لمحاربة الأمية بتعاون فعال وناجع مع شركائنا الفنيين والماليين، أمرا ملحا بالنسبة لنا، لا يحتمل الانتظار.
أيتها السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أغتنم هذه المناسبة التي تصادف احتفال المرأة بعيدها اليوم، لأزف إلى النساء أحر تهنئة، مؤكدا لهن أن كسب معركة التمكين، التي نخوضها لأجلهن، يمر حتما بكسب رهان العلم ومحو الأمية، لأن كل معاناتهن إنما كانت بسبب الجهل، وما ترسخ بسببه من أساطير وخرافات بائدة...
وفي الأخير أعلن على بركة الله انطلاق أعمال اليوم الوطني للاستيراتيجية الجديدة لمحو الأمية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".
وكان وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي السيد أحمد ولد أهل داود قد أكد في كلمة بالمناسبة على أن موريتانيا أعدت خلال السنة المنصرمة استيراتيجية وطنية لمحاربة الأمية كانت ثمرة لمسلسل تشاركي حي بين الجهات الفاعلة والأطراف المعنية وذلك انطلاقا من إيمان البلاد بأن العلم مفتاح التقدم وبأن الأمية تظل من أكبر عوائق التنمية ومن أهم أسباب العنف والتطرف.
وعبر عن أمله في أن تمكن نتائج هذا اليوم من وضع رؤية وطنية ثابتة لتجسيد هذه الاستيراتيجية الفعالة إلى واقع ملموس لتستفيد من عطائها المعرفي مختلف شرائح المجتمع وخاصة المرأة تناغما مع العناية الخاصة والمكانة الكبيرة التي منحت لها والتي كانت بعيدة المنال لتصبح متعلمة وفعالة في الثورة التنموية الكبرى التي تشهدها البلاد بوتيرة متسارعة.
وشكر في ختام كلمته منظمة اليونسكو على الدعم الذي ما فتئت تقدمه للقطاع وخاصة في مجال مواكبتها هذا العمل الاستراتيجي الهام.
وعدد مدير المكتب التنفيذي لقطاع التربية باليونيسكو السيد سفين ويستفيت الانجازات التي حققتها موريتانيا في مجال محاربة الأمية والتي مكنت من تعزيز قدرات مئات الأشخاص على مستوى الإدارة المركزية والجهوية لمحو الأمية والتعليم القاعدي وتطوير البرامج والمناهج مع المجتمع المدني.
ودعا المدير إلى إعطاء ديناميكية إقليمية لمحاربة الأمية في نطاق التعاون بين الدول وذلك عبر إرساء دعائم حوار جاد وتقاسم للمارسات الجيدة في مختلف بلدان المنطقة معبرا عن استعداد اليونيسكو لمرافقة جهود البلدان المعنية في هذا الصدد.
هذا وتعتبر الاستيراتيجية الجديدة محصلة عمل فني مكثف أنجز بمشاركة نشطة من جميع الفاعلين والأطراف المعنية على المستويين المركزي والجهوي وفق مسار تشاركي تمت فيه مراعاة مختلف مقاربات التنمية المستدامة.
وتتمحور الاستيراتيجية حول تعزيز نظام القيادة والمحيط المؤسسي، والرفع من مستوى العرض والجودة في مجال محو الأمية، وتثمين رأس المال البشري لتحفيز تبني المستهدفين لبرامج محو الأمية، وترقية إسهام التعليم الأصلي في مساعي محو الأمية، وتحسين عرض التعليم ونوعيته وترقية الاستبقاء في التعليم الأساسي، وتصور وتنفيذ سياسة إعلامية دعما للاستيراتيجية الوطنية للقضاء على الأمية.
وجرت انطلاقة هذا اليوم بحضور عدد من أعضاء الحكومة وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد في بلادنا وولاة نواكشوط ورئيسة مجموعتها الحضرية وعدد من المهتمين بمجال محاربة الأمية.