أيام التلفزة التفكيرية…التحديات التنموية والسياسية
ماذا نريد من التلفزة ؟– مساهمة
والحقيقة أنه منذ إنشاء التلفزيون لم نطرح هذا السؤال في وقت يشبه هذا الوقت ،الذي تطغى فيه الوسائل والوسائط ،وتغيب فيه المحددات والاغراض والغايات والأهداف من إنشاء تلفزة موريتانية ،و" موريتانية" هنا بين قوسين.
ذلك أن إنشاء التلفزيون أصلا عام 1984 جاء ليحقق غاية سيادة وطنية في مجال حيوي وتوجيهي وترفيهي وتثقيفي قبل أن يساير السياسات التنموية التي عرفتها البلاد في أحكام عسكرية وديمقراطية خلال فترات متباينة.
وهكذا ظلت إجابة السؤال متنوعة ومتعددة تعدد زاوية الحكم و الغاية والغرض ، ووفقاً لأي نظرية وإعلامية اتصالية في إطار خصوصية اجتماعية وتنموية وجغرافية يراد لها التحقق. وفقا للنظام الحاكم وتوجهاتها أو قل( توجيهاته).
لقد ظل مراد الأنظمة الحاكمة مدنية أو عسكرية ، أو وعسكرية متمدنة ؛من التلفزة الموريتانية ؛غاية تطبيل وإقناع مفضوح حسب الكثير من المتابعين والمهتمين، تارة ومصنوع، تارة أخرى لتوجيه جماهير تفقد بوصلة التوجيه أصلا ،لارتفاع نسبة الأمية فيها (وما حملت الكتاب التي أطلقها الرئيس الأسبق معاوية ولد والطايع بالبعيدة من ذاكرتنا الجماهيرية)..
او بغرض يتمثل في التحكم في الجماهير ورقابة تفاصيل التفاصيل ( في تمثيل واضح وفاضح للنظرية السلطوية) في علاقة النظام الحاكم بوسيلة الإعلام ،التي تجعل من الإعلام خادما وآلة للنظام ،لا ينتقد السياسيات ولا يعطي ضرورة فرصة للرأي المغاير أو الناقد لتلك السياسات والاستراتيجيات التنموية.
إن تزايد حرية الرأي وما رافق ذلك من تطور هائل في الوسائل والوسائط الإعلامية المتعددة ،وما تزامن مع ذلك من نضج تجربة المواطن الصحفي ،المشارك في صناعة وتغطية ونشر الأخبار والأحداث والتعليق ،بات سباقا لكل سياسية اعلامية أو خط تحريري يحاول الوفاء للسلطة واو التنمية أو حرية الرأي مهما كانت طبيعتها.
ما يتطلب إعادة بناء خط تحريري يوائم المتغيرات المهنية من جهة ، ويلبي الحاجيات التقليدية لنظام الحكم من جهة أخرى والأخيرة تتطلب مستوى كبيرا من المهنية غير المفضوحة في عيون الجماهير ،ومقتعة وإن نسبيا لدوائر صناعة القرار في النظام الحاكم.
إن تمويل مؤسسات الإعلام العمومي ،ودوره في مواكبة سياسية الأنظمة التنموية والاقتصادية يفرض ضرورة في المقابل ،أن يحقق كافة الغايات لدافعي الضرائب ( الجمهور)؛ من حق في المعلومة الصحيحة وتدفقها عبر القوالب الإعلامية البصرية والمسموعة والمقروءة ، مع الإبتعاد عن أغراض التشويش على قناعاتهم ، وتلوين المواقف والواقع الاقتصادي والاجتماعي لإرضاء هرم السلطة.
عندما ندرك كل هذه المتغيرات ،والمحاور حينها فقط يمككننا إجابة السؤال بوضوح رؤية أهدافنا من إنشاء تلفزة موريتانية تتعدى فكرة السيادة الوطنية ؛إلى الغاية والأهداف.
فماذا نريد من التلفزة الموريتانية ؟