المظاهرات القبلية الانتهازية في ولاية تيرس زمور، علامة واضحة لانهيار المشروع الصحراوي (الفصل الرابع (4)

أربعاء, 10/11/2023 - 17:59

الانتخابات الموريتانية التشريعية والبلدية الاخيرة المنعقدة في 13 مايو 2023، برهنت للجميع وبشكل واضح علي تجذر وخطر التدخل جبهة البوليساريو في الشئون الداخلية الموريتانية وارادتها العمياء في التحكم والسيطرة علي مسار الامور في المناطق الشمالية لبلدنا. 

في هذه الانتخابات، بتوجهات من رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، رشح حزب الانصاف الحاكم في الجمهورية الاسلامية الموريتانية ثلاثة شخصيات مؤهلة، معروفة بمريتانيتها الاصيلة والجذرية للثلاثة مناصب في ولاية تيرس-زمور: 
ذ. تقي الله ايده، الموقع لهاذ المقال، لمنصب نائب مقاطعة بئر-امگرين؛ 
النائب الحضرامي ولد حمادي لرئاسة الجهة؛ 
والشيخ عبدهم ولد محمد فاظل ولد الخليل لعضوية مجلس الجهة للولاية!  

هاؤلاء المرشحين الثلاثة يتقاسمون حقيقتان اساسيتان:

1. ينتمون كلهم الي "قبيلة ارگيبات (اولاد موسى) موريتانيا الاصليين"؛
2. رافضين لمبدأ "الوطنية القبلية" المسوقة من طرف جبهة البوليساريو وطابورها الخامس في موريتانيا.

ما هي الا ساعات بعد نشر لائحة المرشحين حتي قامت البوليساريو بتعبئة جميع خلاياها النائمة في موريتانيا وكذا عناصرها المنتميين لطابورها الخامس، مستعينين في ذالك بمتقاعدين من الدرك الوطني! 

كل هذه التعبئة الكبيرة والشاملة كانت تصب إلى تحقيق هدف اساسي: اجهاض حظ المترشحين من طرف حزب الانصاف الحاكم ورئيس الجمهورية لانهم غير مواليين لجبهة البوليساريو ومشروعها الخسيس في المنطقة.

لتأكد من نجاح مشروعهم الاستفزازي والمنتهك لحرمة السيادة الوطنية الموريتانية وشئونها السياسية الداخلية، بادرت البوليساريو بالدعم المباشر لمرشحين احزاب المعارضة ضد الحزب الحاكم، وتكفلت مباشرةً بنجاحهم المطلق وذالك بجلب آلاف الناخبين الصحراويين العابرين للحدود الي مقاطعة بئر-امگرين ومقاطعة فديرك و مدينتي أزويرات ونواذيبو واستقبالهم بالمخيمات والنحائر ومراقبة تحركاتهم واتصالاتهم.

 بمثل هذه التصرفات المبيتة، برهنت لنا جبهة البوليساريو انها مصممة علي العمل من اجل إخداع الشمال الموريتاني لنفوذها السياسي والاجتماعي، خاصة وان الوضع العسكري والدبلوماسي في الصحراء الغربية لم يعد لصالحها، الشيئ الذي دفع عناصرها وطابورهم الخامس الي التظاهر بسم قبيلة "الرگيبات" بغية التمويه للتجذر العميق.

الغرض من هذه المظاهرات القبلية باسم "قبيلة ارگيبات" لم يعرف لها الماضي بمثيل. هدفه في الواقع هو التشويش وخلق البلبلة وليس المطالبة بحقوق مغصوبة لا وجود لها أصلًا. 
والدليل الوادح علي هذه المسرحية السيئة الاخراج هو  التناقض بين الفاعل والمفعول. اي ان هذه العناصر المتظاهرة باسم "قبيلة الرگيبات" لصالح البوليساريو، تحرم مرشحين الدولة الموريتانية، المنحدرين كلهم من قبيلة "ارگيبات موريتانيا الاصلييين"، من تمثيل هذه القبيلة داخل المؤسسات الدستورية الموريتانية من جهة، ويتظاهروا مطالبين "بالانصاف ورد الاعتبار" (مكتوب علي اللافتة) من جيهة اخري. يا له من تناقض ويا لها من خدعة!!!

زد علي ذالك ان المظاهرات الاحتجاجية لهاؤلاء المعبئين من طرف البوليساريو هو في الوقت ذاته بغية مضايقة القبائل الاخري المترسخة في المنطقة والمتداخلة مع قبيلة "ارگيبات موريتانيا الاصليين". 

لنذكر علي سبيل المثال مضايقة قبيلة"لكدادره" في بئر-أمگرين في الانتخابات البلدية الاخيرة من طرف عناصر البوليساريو، الي درجة انه تم فرض علي اللائحة وانتخاب ضابط من الدرك الصحراوي في المجلس البلدي.

 ناهيك عن مضايقة رجال اعمال من قبيلة اولاد غيلان علي بئر-اناجيم في دعمهم لمؤسسة "معادن موريتانيا" والمستثمرين الاجانب في المنطقة.
بالاضافة الي مضايقة مترشح من قبيلة واولاد-عمني لبلدية "زويرات".

نعم، الوضع في ما يخص الصراع في الصحراء الغربية تغير جذريًا والبوليساريو تحاول تتغير شمال موريتانيا لمصلحتها الاستراتيجية، خاصة منذ 13 نوفمبر 2020، اي منذ انهيار اتفاقية وقف اطلاق النار المبرمة بين المغرب وجبهة البوليساريو عام 1991. 

ذالك الانهيار الذي سمح لقوات الاحتلال المغربية بالسيطرة الكاملة، ليس فقط علي معبر "الگرگارات" ومنطقته العازلة، ولكن أيضًا الي فرض علي موريتانيا التماس الحدودي المباشر مع القوات الامنية والعسكرية المغربية.

كل تحركات البوليساريو والمدنيين داخل المنطقة الملقبة انذاك ب"الاراضي المحررة" اصبحت محظورة ومشلولة امام مراقبة وقصف الطائرات المسيرة المغربية.

زيادة علي سوء هذا الوضع العسكري، نلاحظ مع الاسف انهيار المسار الأممي لتسوية النزاع في الصحراء الغربية: المبعوث الاممي الخاص ديمستورا اصبح مكتوف الايدي ويرنن ويتمتم بمفاوضات من اجل حل مبني علي مبدأ "الواقعية" (بمعني اخر تشريع الاحتلال المغربي لا اكثر ولا اقل). 

قرارات مجلس الامن الدولي الاخيرة تطالب باتفاق بين اطراف "الطاولة المستديرة" وليس بين "طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو". 

الولايات المتحدة الامريكية تعترف بسيادة المغرب علي الصحراء الغربية والدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي تبارك وتشيد بالحكم الذاتي المزيف المقترح من طرف الاحتلال المغربي.

كلها عوامل تشير بانسداد الملف وبوادر انهيار المشروع الصحراوي المعتمد علي"تنظيم استفتاء حر وشفاف لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير المصير والاستقلال"!

امام ضباب هذه المعطيات الجديدة المؤسفة وبوادر عواصفها الحمراء، تسارعوا بعض عناصر "الرقيبيين"، مدفوعين من طرف البوليساريو، الي التظاهر والبحث عن "گزرة قبلية" في موريتانيا، علي الرغم ان اصحابها وملاكها الاصليين لايزالوا احياء يرزقون.

في الختام، ما نقوله اليوم كموريتانيين لجبهة البوليساريو وبصوت عالي وبصرخة المظلوم: كفانا منكم وكفاكم منا !
كفاكم من دمنا، 
كفاكم من لحمنا، 
كفاكم من تشتت عائلاتنا، 
كفاكم من جوعنا، 
كفاكم من قلة امننا، 
كفاكم من استغلال عواطفنا وطيبة قلوبنا، 
كفاكم من تطاحنا بيننا،
كفاكم من رهان تنميتنا،
كفاكم من احتجاز مستقبل ابنائنا ووطننا،
كفاكم، كفاكم، كفاكم …

نحن موريتانيين وكافحنا مع الشعب الصحراوي ودافعنا وسندافع انشالله عن حقوقه الشرعية ليس لاننا صحراويين وانما حبا لموريتانيا وخوفا عليها من الخطر التوسعي المغربي وتضامنا مع ألشعب الصحراوي الشقيق نفسه.

نحن موريتانيين في الباطن و نحن موريتانيين في الخافي. واشهدوا ويشهد كل من يتحلي بشهادة المؤمن اننا نحمد الله جل جلاله علي ما اعطانا من صحة وعافية وراحة بال في وطننا الحبيب والمحبوب.

ذ. تقي الله ايده ليزيد، محامي.

إعلانات

 

إعلان