موريتانيا: حليف استراتيجي يعتمد عليه

خميس, 08/24/2023 - 13:06

لقد شكلت الأحداث في بعض دول الساحل مثل جمهورية مالي وجمهورية بوركينافاسو ، والتي كان آخرها جمهورية النيجر ، إزعاجا  كبيرا للدبلوماسية الفرنسية ، وللشعب الفرنسي ، الذي تابع المظاهرات المناهضة لبلده ، وتمزيق علمه الوطني، ومهاجمة سفارته ورفع  علم  روسيا المناهضة لأوروبا ، و بيانات التحدي من قبل القادة الجدد في تلك الدول .

إنها أحداث كان يجب على الدبلوماسية الفرنسية أن تتخذ منها العبر عندما بدأت في جمهورية مالي قبل أن تجتاح المنطقة وتأخذ طابعًا شعبيا .

من الملفت للإنتباه  أن الاتحاد الأوروبي وخاصة الدولة الفرنسية كحليف وصديق للدولة وللشعب الموريتاني لم تتفاعل مع الوضع القائم من خلال  تفعيل وتعزيز التعاون الموريتاني الفرنسي الأوروبي ، و ذلك من منطق  العلاقات الاستراتجية بين موريتانيا  والإتحاد الأوروبي وكذلك التطورات الإقليمية القائمة إضافة إلى ما يدور في العالم  بين الإتحاد الأوروبي ومجموعة BRICS التي شهدت انضمام دول مؤثرة في العالم العربي والإفريقي مثل السعودية والإمارات ومصر إبتداءً من فاتح يناير 2024 .

فموريتانيا بموقعها الجيوسياسي لا تقل أهمية  عن دول الإتحاد المغاربي التي ليست علاقاتها مع فرنسا  في أحسن أحوالها،  وكذلك  دول منطقة الساحل   المناهضة في أغلبها لفرنسا مما يجعل الإعتماد على موريتانيا له ما يبرره .

تتوفر موريتانيا على جميع  معايير التعاون  المشترك ، من خلال الثقة الدولية التي يحظي بها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني . كما تعتبر نموذجا في مقاربتها لمكافحة الإرهاب و في دورها  في المقاربة  الأمنية العالمية من خلال مشاركة جيشها  في بسط الأمن في إفريقيا الوسطي تحت مظلة الأمم المتحدة  ، التي أشادت بفعاليته وحرفيته ومهنيته.

كما تُعتبر موريتانيا شريكا استراتيجيا في مجال التعاون  الاقتصادي من خلال  ثرواتها العديدة والمتنوعة   المتمثلة في الحديد ، السمك ، الذهب وأخيرا  مخزونها الهائل من الغاز  الذي سيبدأ تصديره بعد أشهر قليلة .

ضف إلى كل ذلك  التحول الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي عرفه البلد في السنوات الأربع من حكم الرئيس غزواني وكذلك تجربته الديمقراطية الناجحة ، و التي تشكل مصدر فخر لجميع  الفرقاء السياسيين في البلد .

وانطلاقا من هذه الصورة الموجزة عن الوضع القائم يمكن القول  إن   الدبلوماسية  الفرنسية  سجلت تقصيرا في نظرتها السياسية   والإستراتيجية في ما يخص التعاون مع موريتانيا في ظل هذه التطورات القائمة ، بدل التركيز على مساعدتها  من خلال خارطة طريق تتضمن  مشاريع كبرى من ضمنها تجهيزها أمنيا واقتصاديا وتطوير بنيتها التحتية ومساعدتها على البحث   الجيولوجي، وكذلك النهوض بالبنية التحتية لثرواتها السمكية، وتوفير  خبراء في مجال الزراعة والثروة الحيوانية .

كلها أمور ستساعد في  تسريع وتيرة التنمية التي أطلقها رئيس الأمل كما يطلق عليه الموريتانيون محمد ولد الشيخ الغزواني .

عندها سيسجل الإتحاد الأوروبي وفرنسا على الأخص عدة خطوات  مهمة من بينها؛  الحصول على ورقة ضغط رابحة نظرا لأهمية موريتانيا كنقطة وصل بين إفريقيا والمغرب  العربي ، كما ستربح شريكا أستراتيجيا  ناجحا في مكافحة الإرهاب إضافة إلى ما يمكنها الحصول عليه في إطار التعاون الاقتصادي والذي سيفوق  بكثير ما يمكنها الحصول عليه من جميع هذه الدول مشتركة .

كما أن التحولات الجيوسياسية القائمة منذ فترة والمواقف المتصاعدة ضد فرنسا خاصة في دول المنطقة والتي بدأت 
تأخذ طابعا شعبيا تتطلب من فرنسا أن تعتمد سياسة استباق الأحداث والبدء في طريقة تعاملها مع الشعوب وكسب ثقتهم من خلال مقاربات للتعاون تنعكس على شعوب هذه البلدان .

محمد ولد كربالي
عضو المجلس الوطني بحزب الإنصاف

إعلانات

 

إعلان