سررت بخبر اتفاق المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة على وثيقة موحدة للرد على مقترح الوزير الأول يحي ولد حدمين للحوار، ففضلا عن المكاسب الوطنية العامة لأي اتفاق مرتقب بين أطراف الساحة السياسية، فأقل ما يمكن أن تحصل عليه المعارضة من الحوار، هو خروجا من حالة الارتباك التي صاحبت نهاية "الرحيل" إلى مرحلة أخرى وتعاط آخر مع الساحة من منطلقات جديدة.
لقد بدأت المعارضة معركة الرحيل سنة 2012 متأخرة عن الربيع العربي متأثرة به، لكنها لم تستطع بعدُ الخروج من خطاب تلك المعركة رغم نهايتها، وأتذكر أني كتبت منشورا قبل سنتين أن ما يراه البعض من خارج الصراع ويتوهمه معركة ليس سوى غبار النهاية.
لقد كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز بارعا في إنهاء تداعيات انقلابه الذي نفذ سنة 2008 وذلك من خلال اتفاق دكار وانتخابات 2009، ولولا الربيع العربي الذي كان حدثا خارجيا لكانت ظروف حكمه أحسن بكثير، بينما عجزت المعارضة عن إنهاء معركتها التي بدأت من أجل الرحيل، وربما كان أفضل وقت لذلك هو الجنوح للحوار أيام قوتها في 2012.
خاتمة كل أمر هي التي تعيش في ذاكرة الناس وهي ما يهمهم، وصعوبة الوصول لخاتمة سليمة هو طغيان العواطف عادة في اللحظات الشبيهة بلحظات الفراق، فالمنتصر قد يأخذه الجشع لأخذ أكثر مما يحتاجه أو يأخذه الغضب فيبالغ في إهانة الخصم فيفسد بذلك طعم النصر ويزرع بذور هزيمته المستفبلية، والمنهزم قد تطغى عليه الرغبة في الانتقام فتمنعه من القدرة على التخطيط السليم ومن أخذ الوقت الكافي للتعافي فلا يستطيع البدء في مرحلة جديدة لأنه أسير هزيمته، ولا شيء أفضل للمنتصر والمنهزم من الخروج مرفوعي الرأس ولا مخرج يحقق ذلك أفضل من الحوار والتوافق.
هناك سؤال يطرحه الكثير من المعارضين عن دوافع الرئيس من هذا الحوار وبهذا الشكل، ومع أني لا أملك جوابا نهائيا، وإن كان لقائي معه قبل شهر تطرق للحوار بشكل عام، إلا أنني أتمنى أن يكون الرئيس قد قرر بنفسه أخذ المبادرة لإنهاء الصراع الحالي مع المعارضة، ووقتها سيكون متقدما كثيرا، بمنطق الاستراتيجين، على خصومه المعارضين، لأن أفضل وقت لإنهاء الحرب هو "ذروة الانتصار"، فهل سينجح الرئيس اليوم في اتفاق ينهي به مأموريتيه الدستوريتين في إطار جو من التوافق السياسي والانسجام الاجتماعي؟ ذلك ما آمله وأتمناه.
من صفحة الكاتب على الفيس بوك