رسمت الدولة الموريتانية ملامحها السياسية من خلال الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية التي جرت في شهر مايو الماضي، و قد اتسمت بنوع من التمييز الإيجابي حيث كانت هناك فرصة عظيمة ممنوحة للمرأة في حزب الإنصاف على وجه الخصوص.
واعرج هنا واقول في هذه الحالة إنه على المرأة أن تبرهن على ولائِها لنفسها وللوطن ويأتي السؤال كيف يكون ذلك ؟
إن وجود التشريعات التي تضمن قدرا من التمييز الإيجابي والتمثيل ليس كافيا، يبقى على المرأة الثقة بنفسها وأن تجعل هذه التشريعات غير مؤقتة وهي الضمان الأكيد لهذه الفرصة، و يكون ذلك بتخطي تلك العقليات والعقبات الموروثة وزوالها مرتبط بها إذا انتقدت نفسها وطورت من ذاتها علميا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا.
و لكي تستطيع أن تتمتع بقدر مهم من المشاركة العامة في البلد، مشاركة تتعلق بها ككائن و كإنسان ليس مدفوعا بغيرة وعناد مع الرجل و خصوصا بعد أن لوحظ تغيير بتنفيذ سياسة تجاه قضاياها السياسية وغيرها وجب عليها أن تضع في حسبانها عدة اعتبارات مهمة :
اولا في مجال التعليم والثقافة، هنا أقول إنه يجب على المرأة الموريتانية الاهتمام بقضية التعليم اي أن تدرس وتتعلم، ولا أقصد هنا القراءة والكتابة والاكتفاء بتعلم جانب من الدين يخصها كامرأة، بل أن تحصل على أعلى المستويات العلمية الشيء الذي يعود عليها إيجابيا فيما بعد، لتكون قادرة على خوض معارك ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية على مستوى المؤسسات في الوطن.
وهنا يأتي دور النساء المتعلمات و اللواتي يمارسن السياسة في المجتمع والمؤسسات الوطنية في نشر هذه الثقافة الناهضة و في دعم الخطط والاستراتيجيات للنوع حتى يصبح لها رأي في صنع القرار لا كمتابعة للشأن العام خاصة في ظل فترة مناسبة.
ثانيا الاعتبار الاجتماعي والاقتصادي،
ينبغي على المرأة أن تؤمن بوجودها و بدورها في بناء المجتمع الموريتاني مما يجعلها تحظى في أجندة الدولة على جانب كبير من المشاريع العامة، وأقول هنا إن تفعيل مشاركتهن هي قضية مجتمعية شاملة لا جزئية و مسؤولية كبيرة تقع على الجميع، حيث يمكنها أن تلعب دورا رياديا في العمل التنموي بشكل كبير وعلى المجتمع أن يتخلى عن العادات الخاطئة وتوسيع دائرة المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة بتبادل الأفكار التي تخدم الصالح العام بهذا تكون قد وصلت نقطة مهمة في المشروع التنموي العام للبلد، و لن تستقيم الأمور إلا بالمرأة، تقول "كيرميان" ناشطة أسترالية "إن المجتمعات التي على حافة الموت هي ذكورية لا مجتمع يستطيع النجاة دون النساء "
لذلك عندما نريد أن نستوعب جيدا هذا المنطلق وفهم المقاربة لمشاركة المرأة وجب علينا ان نشير إلى الإشكالية الأساسية لدينا، فالمرأة ضحية في الفقر والأمية والبطالة وضعف المشاركة السياسية والاقتصادية ... و لتخطي هذه الحواجز ينبغي على المرأة بذل الجهد و العمل على الاندماج في المشروع العام و الانخراط في قواعد اللعبة السياسية و اغتنام الفرصة داخل هذا الجو الديمقراطي والثقة و اكتساب العلم والتنظيم الذي يؤدي بدوره إلى التراكم النوعي داخل الحزب.
ولا أدعو هنا إلى المنافسة مع الرجل لكنها المنافسة التي تجعلها تلعب دورا إيجابيا في بناء المجتمع فلا أريد أن أرى إلا نوع واحد من المنافسة الصارمة والقوية لدى النساء ومِنْ من يدعون لمناصرة المرأة فقد أُنصفت وعليها أن تنصف نفسها.
مريم أصوينع