على المغرب أن يثبت مغربية الصحراء أولا وعلى الدولة المغربية أن تعرف أن الرسيوني ينكئ الجروح..
كنت في البادية وقد فاتني تصريح الرسيوني لولا أن قاله لي أحد الإخوة عبر الهاتف فقطع به خلوتي واضطررت تحت وقع الحدث أن أسجل هذا الموقف .
في مارس 1957 كتب علال الفاسي مقالا في جريدة العلم المغربية يقدم فيه مشاعر توسعية غير مؤسسة وقد اختطفها محمد الخامس وأسس لجنة وزارية لدراسة الموضوع ،وقد لجأ ملك المغرب بعد ذلك لشباب موريتاني منشق عن الحكومة الأولى ليستدل من خلالهم على "مزاعمه "مغربية موريتانية لكن الحجة ظلت واهية كما كانت منذ الأبد من الناحية الجغرافية ومن ناحية الشواهد التاريخية والإدارية .
حُسم المطلب الواهي في الأمم المتحدة 1961 ولدى ملك المغرب 1969 في مؤتمر العالم الإسلامي في المغرب بمناسبة حريق المسجد الأقصى حيث استدعي له المختار ولد داداه وانتهى الأمر سياسيا بين الدولتين بعد تبادل مشاعر كراهية نمت بسرعة بدل مشاعر حب .وأما تاريخيا فلم يوجد أصل لتلك المزاعم ولم يقم عليه أي دليل أبدأ.
كان اكتشاف المغرب من طرف الموريتانيين 1062م عند تأسيس مدينة مراكش على يد الزعيم المرابطي بوبكر بن عامر دون أن يمتد نفوذ تلك الدولة التي أسسها الموريتانيون إلى أرضهم من الناحية الإدارية فقد عاد ابوبكر بن عامر بالزعامة إلى أرض المنشأ حتى توفي في مگسم بوبكر في تگانت قرب الفدية 1087م واحتفظ يوسف بن تاشفين أحد قوّاد جيشه بإدارة الدولة التي لم تشهد أي دولة اسلامية انطلقت من المغرب حجم التوسع الذي توصلت له خارج أرضها ،فعليهم أن يشكرونا على ذلك .
وخلال التاريخ الوسيط الذي تأسست فيه الإمارات الموريتانية لم يكن لسلطان المغرب دور سلطوي فباستثناء مساعدة شخصية لإعل شنظورة بعد تأسيس إمارة لبراكنة وتعثر تأسيس إمارة اترارزة بسبب قوة أولاد رزگ التي لم تتضمن أي وصاية ولا توصيات. وبعد ذلك وإلى 1908 لم تقم أي شواهد على وجود ولا حتى تأثير مادي ولا سلطوي لسلطان المغرب على القبائل الموريتانية فلم يتدخل في حرب ولا صلح بينهم ولم يكن له رأي يستأنس به في تعيين الإمراء ولا أمر من أي نوع ، ولم يرفرف له علم ولا لم يتم التبادل بعملة له في حدود أفرض البطان فاذية ، ولم يكن له سفير ولا نقير على الأرض الموريتانية ،ولم يُدع له في مساجدها ولم يذكره خطبائها ،ولم تكن له ضرائب على أي بضاعة ولم يكن له أي وجود في حياة الموريتانيين سوى بعض بضاعة الأغنياء يطلق عليها "الهيمران وحاجت التّل" ويلخص طبيعة العلاقة هذه جواب اخناث بنت بكار للملك عند ما خطبها "أن صاحب الحاجة يأتيها "فهذا الكلام لا توجه الرغبة لملكها عادة !!!!
كما لم يدافع المغرب عن موريتانيا ولم يشاركها جيشه النظامي ولا أجهزة الدولة في محاربة الاستعمار ولم يزودوها بصفة رسمية بمعدات ولا معلومات ولا تكوين ولا تعبئة منذ أول طلقة بعد تحول كبولماني عن مقاربة الإحتلال السلمي على يد مختار أمّ ولد الحيديب 16 يونيو 1903.وبعد استشهاد بكار ولد إسويد أحمد تحول مركز جذب المقاومة بالنسبة للمقاومة إلى الشيخ ماء العينين الذي هو موريتاني من مواليد الحوض الشرقي وبمبادرة منه ذهب إلى ملك المغرب وطلب منه دعم المقاومة ووافقه ووجه على إثرها الشيخ ماء العينين رسائل إلى المقاومة وتنادى إليه الموريتانيون من كل حدب حتى سميت 1908 بسنة "الأركاب " ولم تتجاوز المساعدات 200مدفع بعضها منحه الشيخ ماء العينين، وأرسل معهم إبن عمه مولاي ادريس كخبير عسكري وقد فشلت المقاومة بسبب تصلبه على رأيه يوم "الدّارْ" يوم تجگجة الذي طالب بمهاجمة الفرنسيين في قلعتهم بينما كان رأي عثمان ولد بكار بقطع الإمدادات عليهم ومحاصرتهم خاصة الفرنسيين هزموا في معركة انيملان وماتت مجموعة من قوادهم ومن عناصرهم وفقدوا الكثير من السلاح والمؤن ولابد لهم من الإمدادات .
الإدعاء المغربي الموريتاني أمر عاطفي وغير جدي مثل إدعائهم بالصحراء الغربية التي لم يطالبوا بها الإسبان ولم يطلقوا أي طلقة في وجههم من أجل تحريرها ولم يحثوا أبناءها على الانتفاضة في وجهها وعندما قام المصطفى الولي السيد بعملية "الخنگة" وإطلاق شرارة المقاومة لم يتدخل المغرب لدعمهم ولا مؤازرتهم وكانت ليبيا من خلال مؤتمر طرابلس الذي أطلق عليه بعدها فندق الصحراء ابان دعمهم وأسست مكتب لشؤون الصحراء وذهب رئيسه محمد سعيد الگشاط يبحث عن الشباب الصحراوي
ومن ثم دخلت الجزائر على الخط لكن تدخل المغرب جاء عندما تم طرد الإستعمار الإسباني بسواعد الصحراويين لتحل محله فقط ويرى المحللون أن الخلفية التوسعية وخلفية أزمة تيندوف 1963 بين الجزائر والمغرب هي المحرك الأساسي لقضية الصحراء الغربية التي لم تحسم .
المغرب اعرق نظام في المنطقة وقد عرف نظام الدولة المركزية منذ 1000سنة تقريبا وكل الشخصيات التي برزت وتبرز فيه تدور في فلك "المخزن" والعلماء المغاربة مثل السفراء لا يمكنهم التحدث في السياسية انطلاقا من آرائهم الخاصة وخارج توجه العرش،كلام الرسيوني خطير من الناحية المشاعر فقط وليس من الناحية السياسية ولا السيادية للدولة الموريتانية ولن يغير أي شيء من الحقائق وسلطان العرش يعرف ذلك لأنه يتعلق بدولة قائمة لها علاقة أخوية بها وتكامل اقتصادي إلا أنه سيخلق احتقانا سياسيا بين البلدين وخاصة النخب وسيدعم تحولا كبيرا في موقف النخبة الموريتانية التي من المغرب التي تحسب الموقف على المغرب والتي لم تكن تتحدث في الكثير من القضايا انسجاما في موقف الدولة الموريتانية إزاء"الصداقة مع المغرب "التي في كل وقت من تاريخ العلاقة بها تظهر لنا بمظهر يحز في النفس ففي 1989خلال الأحداث مع السينغال قال الملك الحسن الثاني "سينغال دولة شقيقة وموريتانيا دولة صديقة" وتطلب صقل ذلك التصريح من النفوس نفس المدة والجهد تقريبا الذي تطلبه صقلها من الزعم المطالبة بها . واليوم يأتي هذا الرجل ليبعث مشاعر الكراهية بين شعبينا فهذا هو الخطأ والجهل والصلف الذي يأتي خارج وقته ،فعليه أولا أن يثبت مغربية الصحراء خارج الطموح التوسعي قبل أن يمتد إلى موريتانيا .
إن على الدولة المغربية أن تطلب من الرسيوني الرجوع عن رعونته هذه أو أنها ستفتح صفحة غضب مع النخبة الموريتانية ستمتد إلى علاقاتها بالدولة الموريتانية والسلطات المغربية تعرف أكثر من غيرها أهمية موريتانيا جيوبولوتيكيا بالنسبة لها وأهمية سكوت النخبة عنها .
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار