قبل أن أبدأ في سرد تفاصيل ما حصل، إليكم ما يلي :
هذا المدير المعني تم تعيينه منذ ما يقارب 10 سنوات مديرا عاما للبحرية التجارية في وزارة الصيد والاقتصاد البحري و عاصر 5 وزراء تعاقبو على القطاع طوال الفترة الماضية، ما يؤكد أنه كان المسؤول الأول عن كل تراخيص الصيد بجميع انواعها و اشكالها في جزء كبير من العشرية المنصرمة(Les autorisations d’affrètements, la Mauritanisation des Bateaux, les Quotas, les permis et les Licences de pêche…)
بناءً على المعطيات السابقة نورد هذه التساؤلات المشروعة لماذا ظل هذا المدير صامتا لا يحرك ساكنا طيلة هذه الفترة، رغم التراخيص العديدة التي منحت دون وجه حق في الماضي واعترف بها هو ضمنيا ، و لماذا كسر حاجز الصمت فقط بعدما تم تعليق توقيعه من طرف وزير الصيد الحالى!!
ثم ماهي الأسباب اللتي أدت تعليق توقيعه من طرف الوزير الحالي؟ ، واقالته لاحقا !؟
في هذه الأسطر سنجمل لكم تفاصيل ما حصل كما هو بدون رتوش، والقصة معروفة في أروقة وزارة الصيد والاقتصاد البحري..
بدأت القصة منذ الأسبوع الأول من تعيين وزير الصيد الحالي تحديدا في منتصف شهر مارس من العام الجاري،
حينها وكعادته مع الوزراء السابقين، أراد هذا المدير المشبوه أن يلعب لعبته المفضلة و هي الأبتزاز و التخويف، معتمدا على جهل معظم الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة بقانون البحرية التجارية، وبذلك يتمكن من تمرير كل التراخيص التي تعود عليه بالنفع الخاص بحجة انسجامها و قانون البحرية التجارية، الذي يقوم هو بتكييفه حسب رغباته وأهواءه الشخصية..
في الأيام الأولى من تسلم الوزير مهامه، قام المدير بإدخال Un parapheur (وهو غلاف يحتوي الوثائق المقدمة للتوقيع) على مكتب الوزير، وتضمن هذا الغلاف تراخيص لقوارب صيد قام المدير المذكور بتنظيمها حسب معاييره الخاصة بغية توقيعها،
وبعد اطلاع الوزير على الغلاف قام مباشرة باستدعاء المدير من اجل شرح مضامين و خلفيات الملفات (Fond des dossiers) لكل ترخيص على حدة، و هو ما تفاجأ منه المدير المشبوه، لأنه ربما لسابق ممارساته، لم يكن يتوقع تدقيقاً و تمحيصاً بهذه الدرجة من طرف الوزير، رجع المدير خائبا هذه المرة..محملا بأوراقه إلى مكتبه حتى تكتمل الوثائق وفق المسطرة القانونية ،
بعدها أصدر الوزير مقررا (Un arrêté) و هو إجراء إداري عام يتخذه الوزير تنفيذا لمرسوم أو قانون، يوضح فيه الوثائق المطلوبة من أجل الحصول على أي ترخيص صيد، و هو المقرر رقم 0510 الصادر بتاريخ 08/06/2022 (الصورة في المرفق)
وللأمانة يعتبر هذا المقرر هو الاول من نوعه في الوزارة و الذي يوضح و بشكل لا يدع مجالا للتلاعب بمصالح الفاعلين والمستثمرين، ما يلزم من أجل الحصول على الترخيص، ولم يعد هنالك داعي للتودد أو التقرب من المدير أو الوزير أو أي مسؤول من أجل الحصول على تراخيص الصيد، وكل ماعلى الراغب في التراخيص، هو استفاء الشروط من إحضار الوثائق و الأوراق آنفة الذكر وبعدها الحصول على الترخيص مباشرة.
هذا المعطى الجديد أشعل نار الخيبة في قلب صديقنا المدير (المليونير) الذي بطبيعة الحال هو آخر من كان يرغب بقوانين واضحة ناظمة للتراخيص والمقررات الملزمة.
لاحقا قام صاحبنا المدير (المليونير) بردة فعل صبيانية تمثلت في حملة تشويه ممنهجة تستهدف النيل من سمعة الوزير داخل أروقة الوزراة و عند الفاعلين في القطاع وتحت مسوغات واهية منها حسب زعمه أن الوزير يسعى إلى مضايقة المستثمرين بدرجة أولى، ثم قام صاحبنا المشبوه بتسويق و تمويل حملة لتشويه سمعة الوزير إعلاميا بواسطة بعض الأفلام والمواقع المأجورة و على بعض صفحات و منصات مواقع التواصل الاجتماعي،
و لكي تأخذ عملية تشويه سمعة الوزير أسلوبا مقنعا ، لجأ صاحبنا لتصنيف كل طلبات الترخيص المقدم إلى مديرية البحرية التجارية و امتنع عن تحويلها إلى الوزير و قام بحجزها في مكتبه، ورافضا التجاوب مع اي طلب مقدم إليه من طرف الفاعلين !
هذه الخطوة المتهورة من طرف صاحبنا المشبوه استدعت تدخلا عاجلا من الوزير لتفادي الأضرار بمصالح الفاعلين في القطاع بسبب مصالح هذا الشخص ضيقة!
وعلى اثرها قام الوزير بتعليق توقيع المدير مباشرة ، و تحويل كل الملفات إلى المدير المساعد بنفس المديرية(البحرية التجارية)، ونظرا لكل ماسبق أحس صديقنا المدير (المليونير) بقرب إقالته وتحييده ،فقام هذه المرة انسجاما مع طبعه المتهور واستباقا لأقالته الحتمية، بتسريب بعض الموافقات المبدئية للوزير (Accord de principe) معظمها للصيد السطحي (ياي بوي) التي وقعها الوزير الحالى و ابدى اعتراضا عليها في رسالة "يفترض ان تكون سرية" و قام بنشرها لاحقا للإعلام حتى يثبت لرأي العام أن سبب اقالته هو اعتراضه لقرارات الوزير، مدعيا مظلوميته.
و هو مانفاه كذبه ملاك التراخيص في تصريحاتهم وبيان رسمي (الرابط في المرفق LORPEX).
الخلاصة من كل هذا أن معظم إدارات الدولة للأسف تعج بهذا الصنف من المدراء (الفاسدين)، والذين يشكلون سرطانا يهدد أركان أي نظام،
مثل هؤلاء يعتمدون على الصحافة المأجورة و النفخ والتلميع من أجل إخفاء فسادهم.
يعقوب احمد