منا مستشارٌ ومنهم مستشار / الشيخ ولد المامي

أحد, 10/24/2021 - 11:47

القصة : وضع المستشار مرتضى منصور حول نفسه هالة داخل مصر بسبب تلويحه الدائم أمام خصومه الكثر بامتلاكه لوثائق تدينهم، حتى اشتهر برجل القرص المدمج(CD) لكن مع مرور الوقت تبين للجميع أن كل وثائق مرتضى منصور لم تكن سوى (تعمار أشدوك).

المقال : لم يشغل العالم شاغل منذ نشأته كما شغلته إشكالية اختصار المسافات، فجميع ثورات الاتصال، والمركبات البرية والبحرية والجوية ووسائل البرق جاءت للهدف ذاته، فالمسافة أشرس القوارض الآكلة للوقت، والوقت هو الشيء الوحيد الذي لايمكن للإنسان امتلاكه مهما دفع كثمن له، وهو أكبر متحكم في حياة ومصير الإنسان.

ورغم اختلاف أنواع الطرق إلا أنها تبقى طرقا في الأخير، واستعمالها للسير يبقى الخيط الجامع بينها رغم اختلاف الأهداف، وما من هدف إلا وله طريق موصلة إليه قد تطول وقد تقصر، لكن مما لاخلاف عليه بين المشّائين، هو أن طريق النضال طويل، وأن البُكور هو أفضل وسيلة للوصول إلى الهدف المنشود في طرفه الثاني، أما الذين يبدأون رحلتهم في وقت متأخر فإن أمل وصولهم في وقت مناسب يحتاج للمعجزات والكرامات كي يتحقق.

بهدف اختصار الطريق فقط، أقدم محمد صبري الدساس أحد قادة جماعة التكفير والهجرة في أحد المعتقلات المصرية التي لاتخضع للقانون الدولي، على الانتحار كي يلفت الأنظار لما يتم في المعتقل من ممارسات، رغم أن وضعيته الشخصية فيه كانت شبه مقبولة، لكن اختصار الطريق يحتاج حدثا كبيرا له وقع القنبلة، ولحاق المدلج بركب المؤبين في النضال يحتاج خببا مجحفا، أو اصطناع حدث غير عادي يمكن أن يعطي قفزة لصاحبه تختصر مسافة السنوات في ساعات.

هكذا كانت الوثيقة التي تحدث المستشار في صميم حلقة الوديعة، او هكذا أراد صاحبها، فنضال "أبناء الذوات" لايمكن أن يكون في الذيل، ونضال أربعة شهور لايمكن أن يميل بنضال أربعة عقود.

لذلك كان لابد للمستشار من اللجوء إلى التدليس في حقيقة وثيقة قضية البنك المركزي التي عرضت أمام القضاء وحكم فيها، ووضع هالة من الضباب تحجب الحقيقة عن من علم بوجود وثيقة، ولم يتبين حقيقة، فخيط الدخان الذي نفخ المستشار في عيون المتابعين، كان عن سبق إصرار حسبما يبدو، كي تلتبس الحقيقة على المتلقي، ومن يدري فربما يكون إحجام المحاور عن استكناه حقيقة الوثيقة بدقة، أمر مقصود أيضا..؟!

وإذا ناكبنا إلى الضفة الأخرى، فإننا نجد المتلقين انقسموا حول الوثيقة ثلاث طرق قددا، كانت أولاها تلك الطائفة التي تبحث عن أي مأتم كي تُشبع خدودها لطما فيه، وهذه الطائفة من طبعها قصر الذاكرة، فردود الفعل لديها لحظية، وقد تلقفت طعم المستشار كما أراد، أما الطائفة الثانية فهي الباحثون عن الحقيقة، وقد سمعت كلام المستشار وانتظرت الرأي الآخر، وبعدما صدر معززا بغياب الدليل المادي لدى المستشار، عرفت وجه الشبه بين مستشارنا ومستشار مصر.

أما الطائفة الثالثة فهي ضحايا الحرب على الفساد التي بدأت بتقرير اللجنة البرلمانية، وقد حاولتْ استثمار الموقف لصالحها قدر الإمكان، من بيانات لمؤتمرات صحفية لحملات تدوين ممنهج تجعل من سيادة المستشار مخلّصا مخلِصا، لكن يبدوا أن أملها قد خاب خلال الساعات الماضية التي تبعت خروج المستشار من مفوضية الشرطة القضائية.

أما ماهو أهم من الجميع، والذي لم يزل في علم الله، رغم أنه الشغل الشاغل للجميع، من أصحاب البحث عن الحقيقة، فهو : أين الوثيقة التي تحدث عنها المستشار ، وأكد أنها بحوزته..؟!

العبرة : جاء في الموروث الحساني أن (كذبة وحدة تملي مزود والثانية ما أدير فيه شي).
الشيخ المامي / كاتب صحفي

إعلانات

 

إعلان