عند الترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو 2019، ألزم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني نفسه بعقيدة راسخة في برنامجه الانتخابي: "تعهداتي ". شعار أصبح اليوم حقيقة ماثلة.
فبالشروع في اتخاذ الإجراءات العملية،ذكّر هذا المشروع ذو النطاق العملي الكبير، الذي يتجاوز الرمزية السياسية، مفهوم الجمهورية والسياسة لدى أساتذة الفكر العظماء مثل مونتسكيو (روح القوانين) ،وجانجاك روسو (العقد الاجتماعي) ،توماس هوبز (Léviathan) الذين بينوا جميعًا من خلال نظرياتهم عن الميثاق / العقد الاجتماعي أن أسس الجمهورية – المجتمع السياسي،تقوم على التعاقد.
وهكذا،في نظريته عن تمثيل الدولة، يوضح توماس هوبز أن "الدولة هي التي تجعل من الممكن، من خلال التمثيل، إنتاج الوحدة تعدد الأفراد الذين تعهدوا بالعيش معًا". ويؤكد جان جاكروسو في نظريته حول العقد الاجتماعي، بأن الأفراد مرتبطون بالعقد الاجتماعي الذي يعبرون بموجبه عن إرادة مشتركة بالعيش في وئام. ويجسد مونتسكيو هذا التنظيم للمدينة من خلال إدخال المبادئ التأسيسية للجمهورية انطلاقا م ننظريته روح القوانين. لذلك من يقدّم القوانين فإنه يقدّم الحق والواجب وبالتالي الالتزام المعنوي.
يوضح مؤلف "روح القوانين" أن المؤسسات الجمهورية ليست سوى تجسيد لقوة القانون، والتي يخضع لها الشعب والدولة بموجب عقد معنوي واجتماعي.
إلى جانب هذه الإحالات إلى المفكرين السياسيين الغربيين، فإن مفهوم التعهد (احترام الكلمة المعطاة) له جذور في تقاليد مجتمعنا الإسلامي والعربي الأفريقي.
فبإخلاصه المطلق لتعهده السياسي والأخلاقي، أبرزر ئيس الجمهورية في إعلان ترشحه بتاريخ فاتح مارس 2019 من خلال جملته الشهيرة: "
"أتعهد وللعهد عندي معنى "
بعبارة أخرى: أتعهد، إذن، سأعمل من أجل إعطاء معنى أكبر لتعهدي، الذي لن يتنكّر أبدًا لقيمي التربوية المكتسبة.
هذا الاحترام للكلمة المعطاة يذكّر، إذا لزم الأمر،بالحكمة الشعبية الفولانية "سلا أد أأدي، بوري فير تودي أأدي"، أي بعبارة أخرى،من الأفضل عدم الالتزام بدلاً من الالتزام ثم التراجع أثناء المسار.
في عامين من ممارسة السلطة، استطاع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الاستجابة لتطلعات الشعب الذي انتخبه، من خلال تنفيذ مكونات مهمة من برنامجه، تعهداتي، وهذا، على الرغم من سياق الهشاشة العالمية، بسبب وباء كوفيد 19.
لقد انشغل الرئيس بسرعة بإعادة تأهيل مفهوم ورمزية الجمهورية، والذي تجسد في التخليق السياسي للحياة العامة واحترام رموز الدولة.
وعلى الصعيد السياسي،عمل عل ىتهدئة العلاقات بين ممثلي الطبقة السياسية الذين استجابوا بالإجماع لهذا المُعطى الجديد.
فبعد عامين، الهدوء والسكينة هما اللتان تسودان.
فالأمر يتعلق، من خلال هذا النمط من الحكامة، بخلق مناخ من السلام والتشاور يشمل كافة الفئات السياسية والاجتماعية، من خلال طرح مبادئ التسامح والقبول والاعتبار المتبادل،على الرغم من التباين في الأفكار والمواقف السياسية التي قد تطرأ.
هذا النهج الشامل هو أحد أكثر الأساليب ملائمة في الديمقراطية الحديثة، والتي تحتاج إلى جميع الأطراف لقيادة التناوب السلمي.
وهي أيضًا الطريقة التي يتم بها ترسيخ دولة القانون، والتي تدعو إلى احترام جميع القيم والمبادئ التي تقوم عليها.
لقد حاز الرهان الرئاسي على ثقة الموريتانيين في ترقية القيم المدنية. وفي هذاالسياق، تم القيام بعمل مهم حتى تظل المساواة والأخوة والمواطنة هي القيم التأسيسية لوحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي، والتي تعززت خلال هذين العامين بفضل السياسات العامة المنفذة.
هذان المحوران هما من أولويات عمل رئيس الجمهورية. ويتم الآن مناقشة كل المواضيع دون محرمات بين رئيس الجمهورية وشركاء سياسيين سواء من الأغلبية أو المعارضة، حتى الأكثر راديكالية منها، عبر اللقاءات الدورية. علاوة على ذلك، فإن هذين الموضوعين، المدرجين على جدول أعمال حزب السلطة(الاتحاد من أجل الجمهورية)، قد تمت مناقشتهما في ورش عمل. وهي سابقة في تاريخ أحزاب السلطة في موريتانيا.
على سبيل المثال، في مجال حقوق الإنسان، تجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت صورة موريتانيا قد شوهت بسبب القمع ضد النشطاء المناهضين للعبودية، فلم يعد هذا هو الحال اليوم. لأنه خلال هذين العامين، عادت العلاقات بين السلطات العمومية وقادة الحركات السياسية المناضلة من أجل القضاء على مخلفات الرق.
وفي هذا الإطار، تجب الإشادة بمهنية اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وتثمين عملها، التي من خلال استقلاليتها ونوعية نشاطها في التعامل مع القضايا المتعلقة من بين أمور أخرى بموضوع مكافحة مخلفات الرق، قطعت خطوة كبيرة إلى الأمام.
وهذا يظهر بجلاء في تقريرها السنوي.
خلال عامين في السلطة، جعل رئيس الجمهورية من الإرث الاجتماعي للرق حالة استعجالية. فقد أولى، في تعهداته، اهتمامًا خاصًا لطبقات هذه المجموعة للاستفادة من التدخلات الاقتصادية والاجتماعية. وتبقى برامج تآزر أمثلة ملموسة على ذلك.
في المجال العقاري، تم اتباع مقاربة جديدة تتمثل في حكامة جمهورية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، من أجل تصحيح أخطاء الماضي التي خلقت حالات من التوتر الشديد حول الأرض.
أما اليوم، فسيصبح ملاك الأراضي والمزارعون الآخرون شركاء متميزين وفاعلين كاملين لهم رأي في تسيير السياسات الزراعية في مناطقهم الزراعية.
إن الإسلام والقيم التقليدية هي روح مجتمعنا. لذلك، يُعتبر تخصيص جائزة لتلاوة القرآن تُعرف بجائزة رئيس الجمهورية، وتعزيز المكانة البروتوكولية لقطاع الشؤون الإسلامية في الأسبقية الحكومية، وتخويل مهمة مراقبة الهلال القمري للجنة إسلامية متخصصة، وتوشيح شخصيات تقليدية ودينية يوم 28 نوفمبر، تعتبر أعمالا رمزية من شأنها رد الاعتبار لمفهوم القيم المجتمعية الموريتانية المتدهورة في سياق عولمة غير متوازنة.
وإذا كانت بلادنا قد تبوأت في غضون عامين مكانة مهمة في بيئتها الدولية الصعبة بشكل خاص،فإن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى عبقريتها في مواجهة الصعاب الكبرى وقدرتها على الحفاظ على ذاتها، وذلك بفضل قيمها للسلام والتسامح والأخوة المشتركة التي تتقاسمها مع بقية العالم.
وكذلك أيضًا وقبل كل شيء، بفضل نباهة دبلوماسية جديدة تجسدت منذ عامين، بتعهدات الرئيس في برنامجه "تعهداتي" الذي رفع موريتانيا إلى مكان مشرف بين الأمم.
ومن المشاريع العزيزة على الرئيس إعادة تأهيل قيم المدرسة الجمهورية التي خصّها بالعمل بلا كلل على غرار دوركهايم الذي يقول "بناء مدرسة جمهورية من أجل بناء الجمهورية من خلال المدرسة".
إن كل هذا العمل لإعادة تأسيس الدولة على أساس دائم يتطلب مشاركة جميع أبناء الوطن.
ومن هنا جاءت رؤية وتعهد رئيس الجمهورية كما عبر عنهما في خطاب تنصيبه بتاريخ فاتح أغسطس 2019، حيث قال رئيس الجمهورية صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني:"وبنيل ثقتكم أصبح هذا الأمل التزاما وتحقيقه مسؤولية، وعليه فإنني أعول كثيرا على التزام كل مواطن واضطلاعه بمسؤوليته في تحقيق هذا الأمل لأنه أملنا جميعا".
با عثمان
الأمين التنفيذي المكلف بالعمليات الانتخابية بحزب الاتحاد من اجل الجمهورية